عنوان الفتوى : حديث في فضل الدعاء بـ( الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .. ) ؟
أرسل أحد الإخوة هذا الدعاء ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يقول الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه إلا صرف الله عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الهم ) . فما صحة هذا الدعاء ؟ وإن لم يكن صحيحا فما حكم الدعاء به ؟
الحمد لله
هذا الحديث بهذا الفضل المذكور لا يُعرف له أصل ، وقد ذكره موقع "الدرر السنية" ،
في تصنيف : "أحاديث منتشرة لا تصح" ، عن سلمان رضي الله عنه من قوله ، بلفظ : " ما
من عبدٍ يقول حين يصبح ثلاثًا: الحمد لله ربِّ العالمين ، الحمد لله حمدًا كثيرًا
طيِّبًا مباركًا فيه ، إلَّا صرف الله عنه سبعين نوعًا من البلاء، أدناها الهمُّ "
وقالوا : " لا يصح " .
http://dorar.net/spreadH/index?page=47
فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما ثبت عنه ؛ لئلا نقع في الكذب عليه ؛ فإن ذلك من كبائر الذنوب الموبقة .
ولكن ثبت هذا الذكر في غير
موضع في السنة ، فمن ذلك :
ما رواه البخاري (799) عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ ، قَالَ : "
كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: ( سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ
حَمِدَهُ )، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا
طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: ( مَنِ المُتَكَلِّمُ ؟ )
، قَالَ: أَنَا، قَالَ: (رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا
أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ)
وروى البخاري (5458) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ : ( الحَمْدُ لِلَّهِ
كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ
مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا) .
وروى مسلم (600) عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ
حَفَزَهُ النَّفَسُ ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا
مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَاتَهُ قَالَ: ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟ ) ، فَأَرَمَّ
الْقَوْمُ [ أي : سكتوا] ، فَقَالَ : ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ
لَمْ يَقُلْ بَأْسًا ) ، فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ
فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: (لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا،
أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا) " .
وروى الترمذي (404) عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " صَلَّيْتُ
خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَطَسْتُ ، فَقُلْتُ:
الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، مُبَارَكًا
عَلَيْهِ ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ، فَقَالَ: ( مَنِ المُتَكَلِّمُ فِي
الصَّلَاةِ ؟ ) ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ ، فَلَمْ
يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ
رَافِعٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ابْتَدَرَهَا بِضْعَةٌ
وَثَلَاثُونَ مَلَكًا، أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا) " .
وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وروى الترمذي (3383) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ لِلَّهِ ) .
فهذا الذكر من أفضل الحمد ،
الذي هو أفضل الدعاء ، فلا بأس به ، ولكن كونه يرفع سبعين نوعا من البلاء أدناها
الهم : لا يصح ، ولا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيما ثبت عنه
الغنية والكفاية ، والحمد لله .
والله أعلم .