عنوان الفتوى : حديث في فضل الدعاء بـ( الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .. ) ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أرسل أحد الإخوة هذا الدعاء ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يقول الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه إلا صرف الله عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الهم ) . فما صحة هذا الدعاء ؟ وإن لم يكن صحيحا فما حكم الدعاء به ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله
هذا الحديث بهذا الفضل المذكور لا يُعرف له أصل ، وقد ذكره موقع "الدرر السنية" ، في تصنيف : "أحاديث منتشرة لا تصح" ، عن سلمان رضي الله عنه من قوله ، بلفظ : " ما من عبدٍ يقول حين يصبح ثلاثًا: الحمد لله ربِّ العالمين ، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه ، إلَّا صرف الله عنه سبعين نوعًا من البلاء، أدناها الهمُّ "
وقالوا : " لا يصح " .
http://dorar.net/spreadH/index?page=47

فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما ثبت عنه ؛ لئلا نقع في الكذب عليه ؛ فإن ذلك من كبائر الذنوب الموبقة .

ولكن ثبت هذا الذكر في غير موضع في السنة ، فمن ذلك :
ما رواه البخاري (799) عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ ، قَالَ : " كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: ( سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ )، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: ( مَنِ المُتَكَلِّمُ ؟ ) ، قَالَ: أَنَا، قَالَ: (رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ)
وروى البخاري (5458) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ : ( الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا) .
وروى مسلم (600) عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟ ) ، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ [ أي : سكتوا] ، فَقَالَ : ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا ) ، فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: (لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا) " .
وروى الترمذي (404) عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَطَسْتُ ، فَقُلْتُ: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، مُبَارَكًا عَلَيْهِ ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ، فَقَالَ: ( مَنِ المُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ ؟ ) ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ابْتَدَرَهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلَكًا، أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا) " .
وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وروى الترمذي (3383) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ لِلَّهِ ) .

فهذا الذكر من أفضل الحمد ، الذي هو أفضل الدعاء ، فلا بأس به ، ولكن كونه يرفع سبعين نوعا من البلاء أدناها الهم : لا يصح ، ولا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيما ثبت عنه الغنية والكفاية ، والحمد لله .
والله أعلم .