عنوان الفتوى : أيهما أسوء وأشد كفرا : فرعون ، أم أبو لهب ؟!

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء عمن هو أسوء البشر، فقلت : هو فرعون ؛ لأنه ادعى الربوبية ، ورفض تسع آيات بينات جاء بها موسى عليه السلام، وقد نجّى الله جسده ليكون آية للناس ، ويُحشر يوم القيامة مع هامان ، ويُدخل أشد العذاب ، ولكن صاحبي خالفني الرأي فقال : إن أسوء إنسان هو أبو لهب ؛ لأن سورة بأكملها في القرآن وردت في ذمه ، ولأنه آذى النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإيذاء ، ولكني لا أعتقد أنه في نفس درجة فرعون من السوء ، فما رأيكم ؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق


الحمد لله
أولا :
الانشغال بمثل ذلك والجدال فيه ، يضيع على المسلم أوقاتا وجهدا كان يمكنه أن ينفقها فيما هو أنفع له وللمسلمين حوله .
فالمسلم يحتاج إلى معرفة أكمل الناس إيمانا وأحسنهم أخلاقا حتى يقتدي بهم ، ويعمل مثل أعمالهم ، أكثر من حاجته لمعرفة أشد الناس كفرا .
ما دام قد تقرر عند المسلم : أن الشخصين المذكورين : هما كافران بالله ، عدوان له ، قد توعدهما الله في كتابه بأشد العذاب .
لكن إذا كان قصد المسلم بهذا معرفة هؤلاء ليكون أشدا حذرا من أفعالهم ، ويحذر الناس منها فلا بأس بذلك .

ثانيا :
إذا نظرنا إلى هذين الرجلين وأقوالهما وأعمالهما ، وما نزل فيهما من آيات في القرآن الكريم ، فإننا لا نشك أن فرعون أشد كفرا وعتوا من أبي لهب ؛ فإنه كان قد ادعى الربوبية والألوهية ، ودعا الناس إلى تقديسه وتعظيمه ، واستخف قومه فأطاعوه ، وأضل جنده فنصروه ، وعادى أولياء الله ، وعذب الناس ، وذبح أبناءهم ، واستحيا نساءهم ، ولم يُذكر جبار متكبر في القرآن كما ذكر هذا الطاغية ، فذُكر بقبيح أقواله وأفعاله ، وذكر بظلمه وعتوه وجبروته ، وذكر بإضلاله الناس وإغوائهم ، وذكر بمصيره السيء يوم القيامة ، قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر/ 46 .
أما أبو لهب : فقد كفر بالله وبرسوله ، وعادى على ذلك ، ووالى على ذلك ، ومات على كفره وخسرانه ، ولم يكن له نكاية في المؤمنين كما كان لفرعون ، ولا كان في الكفر كما كان فرعون الذي ادعى الربوبية والألوهية وقال : (أنا ربكم الأعلى) ، وقال : (ما علمت لكم من إله غيري) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: أَنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَكْفَرِ الْخَلْقِ بِاَللَّهِ ؛ بَلْ لَمْ يَقُصَّ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قِصَّةَ كَافِرٍ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ أَعْظَمَ مِنْ قِصَّةِ فِرْعَوْن َ، وَلَا ذَكَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ كُفْرِهِ وَطُغْيَانِهِ وَعُلُوِّهِ : أَعْظَمَ مِمَّا ذَكَرَ عَنْ فِرْعَوْنَ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (2/ 125) .
والله تعالى أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...