عنوان الفتوى : من شروط الشهود على عقد الزواج
ما حُكْمُ الدِّين في شهادة شخصين أجنبيين غير ناطقين باللغة العربية على زواج مسلم من مسلمة ناطقين باللغة العربية وإشهار وإتمام هذه الزواج في دولة أجنبية ، وهل يُشترط كتابة عقد الزواج؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
في هذا السؤال عِدة نقاط:
1ـ مبدأ اشتراط الشهادة على عقد الزواج قال به جمهور الفقهاء، ومنهم الأئمة الأربعة. وذلك لحديث أحمد والدار قُطني “لا نِكاح إلا بولي وشاهدَي عَدل” والشيعة الجعفرية لا يشترطون الشهادة في عقد الزواج، فهو عندهم صحيح بدونها، لكنه أمر مُستحب فقط كالإعلان؛ لأن القرآن لم يشترط الشهادة في النِّكاح، والحديث المذكور لم يثبت عندهم، وصرَّح الباقر والصادق من أئمتهم بعدم اشتراطها .
2 ـ هذا الزواج بين مُسلم ومُسْلِمة، فيشترط في الشاهدين الإسلام؛ لأن الشهادة فيها معنى الولاية والله يقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) (سورة النساء : 141) فإذا كان الشاهدان على هذا الزواج غير مسلمين بَطَلَ العَقْد .
3 ـ يُشترط في الشاهدين أن يفهما المُراد مِن كلام العاقدين إجمالاً وإن لم يفهما معاني المفردات. فلو كانا لا يفهمان المُراد فلا يصح العقد، ويُشترط سماعهما لكلام العاقدين إن كان العقد بالكلام، أما لو كان بالإشارة فلابد من فَهم المقصود من الإشارة .
وكتب الحنفية فيها خلاف لفقهائهم في شرط السماع والفهم، فمنهم من جعل الشرط هو حضور الشاهدين فقط وإن لم يسمعا، ومنهم من يقول: لابد من السَّماع، وهو الأصح. ومنهم من لم يشترط فهم الشاهدين للغة العقد، لكن الأصح أنه يُشترط فهمهما للغة العقد ووفق بعض الفقهاء بين القولين “اشتراط الفهم وعدمه” فقال: إن اشتراط الفهم محمولٌ على فهم المقصود إجمالاً من كلام العاقدين وأنهما يقصدان عقد الزواج، وعدم اشتراطه محمولٌ على فهم معاني الألفاظ بعد فهم أن المُراد عقد الزواج، فيكون الأصح في المذهب اشتراط السماع والفهم إجمالاً للمقصود ولا يشترط فهم معاني الألفاظ، بل يكفي أن هذا اللفظ يقصد به الزواج “أحكام الأسرة في الإسلام للدكتور محمد مصطفى شلبي “.
4 ـ أما إشهار وإتمام هذا الزواج في دولة أجنبية فلا دَخْلَ له في صِحة الزواج وكذلك كتابة عقد الزواج ليست شَرْطًا في صحته، فقد كانت عقود الزواج في القرون الماضية لا تسجل، لكن في هذه الأيام لابد من الكتابة، لا لصحة المُعاشرة الزوجية، بل لحفظ الحقوق وعدم التقصير في أداء واجب .
بعد هذا نقول: إن كان الشاهدان يفهمان إجمالاً ما يحصل من كلام المُتعاقدين الدال على الزواج فالزواج صحيح، وعلى رأي عند بعض الأحناف يصح الزواج بمجرد حضورهما، وإن لم يفهما ما يقوله المُتعاقدان.
والله أعلم