عنوان الفتوى : لا يجوز إجهاض الجنين إلا عند خوف الضرر المحقق على حياة الأم
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعــد : إلى صاحب الفضيلة … والذي أرجو منه إفتــائي بأمر عاجل جــداً …إنني من مواليد العراق ، أسـكن مدينة جوتنبورج في مملكة الســويد … متزوج من ابنة خالتي ، ولهـا ابنتان في 11 و 12 من عمرهما ، ثم رزقنا الله تعالى بطفلة في الرابعة وطفل في الثالثة من عمرهمــا . زوجي الآن حامل في الأسبوع الخامس ، وعندها موعد لإجراء عملية إجهاض في يوم الأربعاء المقبـــل . والســؤال هل يجوز لنــا ذلك ؟ والأسباب كالتالي : 1- صعوبة القيام بتربية الأطفال في مثل هذه البلدان ( حيث يصبحون خمسة ) وبالأخص من جهتي أنا ، حيث أنني معوق أستخدم عكازتين حال المشي ، ومصاب بمرض النزف الدم الوراثي ( هيموفيليــا ) ولا يمكن للإنسان أن يعيش حياةً طبيعية بمثل هذا المرض .2- إذا كان المولود أنثى فإنـها ستكون حاملة للمرض المذكور مائة في المائة ، وسيظهر في أبنائها الذكور خمسين في المائة . وإذا كان ذكراً فلا شيء عليه من المرض . 3- حالة الحمل ثقيلة على الأم ، وبالأخص عند الوضع وقد اضطررت أن أقبل بتدخل طبيب سويدي لإعطائها مسكن خاص من أسفل الظهر عند ولادتـها الثالثة . أرجو السرعة في الإجابة ، وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فعملية الإجهاض محرمة شرعاً ولا يجوز الإقدام عليها، لأنها وإن كانت قبل نفخ الروح في الجنين فهي من إهلاك النسل. وقد عدَّ اللهُ ذلك من الافساد في الأرض الذي لا يحب من يقوم به ، قال تعالى: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد" سورة البقرة.
وإن كانت بعد نفخ الروح في الجنين فهي جرم عظيم شنيع لأنه قتل للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
وقد استثنى العلماء حالتين يجوز فيهما الإجهاض:
الأولى: إذا كان الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته.
الثانية: إذا مات الجنين في بطن أمه.
أما ما سوى ذلك من الأسباب ـ التي ذكرتها فلا تبرر إجراء عملية الإجهاض.
أما السبب الأول: وهو صعوبة القيام بتربية الأطفال فقد زجر الله تعالى عباده أن يجعلوه ذريعة لقتل أولادهم. قال تعالى: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً".
وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من أعظم الذنوب كما في الصحيحين وغيرهما أن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنوب عند الله أكبر ؟ قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قلت ثم أي ؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت ثم أي ؟ قال أن تزاني بحليلة جارك . قال ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون.." سورة الفرقان الآية رقم 68.
أما السبب الثاني وهو انتقال المرض إلى الولد إن كان أنثى. فهذا أيضاً غير مبرر لأنه أمرٌ بيد الله تعالى ومن قضاء الله تعالى وقدره، ولا يجوز دفعه بما حرم الله تعالى. وكم من مريض أنجب صحيحاً وكم من صحيح أنجب مريضاً.
أما السبب الثالث: وهو المشقة التي تحصل للأم فذلك طبيعي جداً وقد كتبه الله تعالى على الأمهات وعظم حقهن على أبنائهن لذلك قال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن" سورة لقمان. وقال تعالى: " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" سورة الأحقاف. والله أعلم.