عنوان الفتوى : الضحك عند رؤية المعصية أو الاستهزاء بالدين، وحكم إرضاء الناس بسخط الله

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

اشترى أستاذي هاتفا جديدا ، فقلت له : مبروك ، فقال لي مازحا: مبروك هذه قد تدمر التلفون يقصد الحسد فضحكت ، فهل أكفر بسبب ضحكي على استهزائه ؟ وهل إذا ضحكت عند وقوع معصية أو كفر هل أكفر وإذا كان رغما عني ؟ وهل إذا ضحكت عند استهزاء أحد الناس بالدين كي لا يكرهوني أو يستهزئوا بي هل أكفر؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا :
اعلم أن المسلم لا يخرج من ملة الإسلام إلا بيقين ، فلا يخرج بالوسوسة أو الخطأ أو الإكراه أو بمجرد حديث النفس ، فكل هذا لا يؤاخذ المسلم به فضلاً عن أن يكفر.
قال الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/5 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ ) متفق عليه .
وقَالَ أيضًا : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
وينظر جواب السؤال رقم: (39684)، (60303).
ولا شك أنك لم تقصد الاستهزاء بالدين عندما ضحكت من قول أستاذك: ( مبروك هذه تدمر التليفون ) ، وليس في ضحكك من هذه الكلمة ما يدل على الاستهزاء أصلاً ، وليس في كلامه ـ أيضا ـ ما له علاقة بالدين ، وأحكامه ، وشرائعه !! فدع عنك الوساوس يا عبد الله .
ثانيا :
أما الضحك عند رؤية المعصية أو الكفر أو الاستهزاء بالدين فلا يجوز البتة ، بل الواجب على المسلم إذا سمع أو رأى شيئاً من المعصية أو الاستهزاء بالدين أن ينكر على قائله وفاعله إنكاراً شديداً ، فإن لم يستجب له : لزمه مغادرة المكان الذي هو فيه.
قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ، فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )النساء/140.
وأما التبسم والضحك عند سماع هذا الكلام ، فيجعل صاحبه شريكا للقائل في الإثم إن كان عن رضاً وقبول لمثل هذا المنكر ، كما قال تعالى : (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) ، وإن لم يكن عن رضا وقبول ، فهو معصية كبيرة تدل على عدم تمكن تعظيم الله وشعائره من قلبه .
والواجب على المسلم أن يعظم شعائر الله وآياته ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج/32.
ولا يجوز للمسلم أن يُرضي أحدًا بسخط الله تعالى ، فمن فعل ذلك سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ ، رَضِيَ الله عَنْهُ ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ ، سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَأَسْخَطَ عليه الناس ) رواه ابن حبان "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" (1 /510) .
وراجع الفتوى رقم : (219244).
والله أعلم.