عنوان الفتوى : حكم تنزيل المحاضرات أو الكتب بغير إذن المؤلف أو دار النشر
هل يجوز تنزيل المحاضرات والكتب إذا كان من يضعها هو المحاضر، أو الكاتب نفسه؟ ومع ذلك نسمع في المحاضرة أن الحقوق محفوظة؟ فهل نحتاج إلى إذن دار النشر، بالإضافة إلى إذن المحاضر لتنزيلها؟ وهل للمحاضر الحق في تنزيل محاضراته دون إذن الدار؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم من رفع المحاضر محاضرته على الشبكة بنفسه، أو الكاتب كتابه بنفسه، أو من رفعها من قبل دار النشر، أو بعض طلبته تجويزه لطلبته أو غيرهم تنزيله، بناء على القول الراجح في لزوم حفظ حقوق الملكية الفكرية للأفراد والمؤسسات.
وعليه: فيُمنع تنزيلها بغير إذنه، خاصة إذا كان قد بين لكم أن حقوق المادة المرفوعة محفوظة، كما بيناه في الفتوى: 16270 وما أحيل عليه فيها.
والحكم بالمنع لا فرق فيه على الصحيح بين الانتفاع الشخصي من المادة، وبين التكسب بالمتاجرة بها، على أن طائفة من أهل العلم أجازت التنزيل والنسخ للأغراض الشخصية، كما بيناه في الفتوى: 151427.
فإن كان المحاضر أو الكاتب قد باع حقوق النشر كاملة لدار نشر معينة حصريًا، فقد انتقلت الحقوق للناشر كاملة، وصار هو المخول بالإذن بنشرها دون الكاتب؛ لأن لحقوق النشر في زماننا قيمة مالية مستقلة، تباع وتشرى وتوهب على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت 1409هـ - 1988م .
وليس للكاتب أن يضارها تجاريًا بالإذن بتنزيل المادة بغير موافقتها وعلمها.
فإن كانا ـ المؤلف، ودار النشر ـ شركاء في حقوق النشر ـ بأن لم تشترها كاملة ـ ولا تفويض في صلاحيات التنزيل لأحدهما، فلا يحل تنزيل المادة المحفوظة حقوقها لهما إلا بإذنهما جميعًا؛ لأن اشتراكهما في حقوق النشر لا يستتبع استقلالية أحدهما في منح حق التنزيل دون إذن شريكه؛ لأن هذا الحق هو عين الحق الذي اشتركا فيه، لا أنه حصة دون حصة، فلا يتحصص كالحصص الشائعة في الملك المشترك، نعم، لو اشترت دار نشر من المؤلف عددًا من النسخ الإلكترونية للمتاجرة بها، فالإذن بالتنزيل لهذه النسخ لا يحتاج إلا إلى إذن دار النشر دون المؤلف؛ لأن هذه الأعداد ملكها خالص لها دونه، فليس هذا من قبيل الاشتراك في حقوق الملكية الفكرية، ومثل ذلك يقال فيما لو حصل تفويض من أحدهما للآخر، فيكتفى عندها بإذن المفوَّض - بالفتح -.
وأما تنزيل المحاضر محاضراته بنفسه، دون إذن الدار، بعد أن باعها كامل حقوق النشر: فإن كان ذلك لغرض شخصي لا تتضرر به الدار فلا بأس بذلك، فهذا قد جرى به عرف دور النشر والطباعة؛ أن للمؤلف حقًّا في بعض النسخ من كتابه للاستعمال الشخصي لا التجاري، فكذلك في النسخ الإلكترونية، بل هو أولى لخفة مؤنتها، وذلك لأن المأذون به عرفًا كالمأذون به شرطًا، والشروط مقاطع الحقوق.
وقد بينا أقوال أهل العلم في حقوق التأليف في عدة فتاوى، فيمكنك ـ للتفصيل ـ الاطلاع على ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 56116، 61658، 67027، 67048، 70218، 76506، 117615، وفي المحاضرات خاصة: 127509، 59336.
والله أعلم.