عنوان الفتوى : حكم الزواج إذا ثبت الرضاع واختلف في عدده
خالتي أرضعتني وأنا صغير، وعندما أسألها عن عدد الرضعات تجيبني بأنها أرضعتني مرتين أو ثلاثا على أكبر تقدير، وهناك خالة لي أخرى تؤكد كلامها هذا، ولكن أمي ترى أنه من المنطقي أن يكون العدد أكثر من ذلك من باب المنطق، وعندما أطلب منها تحديد المواقف الأخرى التي لم تتذكرها خالتي فإنها تقول إنها لا تستطيع، وترى أنه بمجرد المقابلة أو الزيارة فإنه أمر حتمي أن ترضعني، أريد الزواج من بنت خالتي ورأي أمي في هذه الحالة نظرا لخوفها الشديد أثر على خالتي وبدأت تشك في ذاكرتها، فما هو الحل الآن؟ وهل يصح أن تبنى الشهادة على المنطق؟ وإذا غيرت خالتي شهادتها وقالت إن الرضعات أكثر من خمس لتأثير خوف أمي عليها، فماذا ينبغي أن يتم فعله؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في عدد الرضعات التي يحصل بها التحريم، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة ـ في رواية ـ إلى حصول التحريم برضعة واحدة، وذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب إلى اشتراط خمس رضعات للتحريم، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظر للمزيد الفتوى رقم: 9790.
وعليه، فإن ثبت أنّ خالتك أرضعتك خمس رضعات فقد صارت أما لك وبناتها أخوات لك، ولا يثبت التحريم بشهادة أمك بالرضاع دون بيان وتفصيل للرضعات، قال ابن قدامة رحمه الله: ولا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفسرة، فلو قالت: أشهد أن هذا ابن هذه من الرضاع، لا تقبل، لأن الرضاع المحرم يختلف الناس فيه، منهم من يحرم بالقليل، ومنهم من يحرم بعد الحولين، فلزم الشاهد تبيين كيفيته، ليحكم الحاكم فيه باجتهاده، فيحتاج الشاهد أن يشهد أن هذا ارتضع من ثدي هذه خمس رضعات متفرقات خلص اللبن فيهن إلى جوفه، في الحولين.
وإذا حصل شك في عدد الرضعات لم يثبت التحريم، قال ابن قدامة: وإذا وقع الشك في وجود الرضاع أو في عدد الرضاع المحرم هل كملا أو لا؟ لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه فلا تزول عن اليقين بالشك.
والذي ننصحك به أن تترك الزواج من هذه الفتاة، وذلك لاعتبارين:
أحدهما: أن أمك غير موافقة على الزواج منها تخاف الشبهة في ذلك حسبما يظهر من سؤالك.
الثاني: أن ترك الزواج منها أحوط وأبرأ للذمة بكل حال، قال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي رحمه الله: لو شهدت واحدة أو أكثر ولم يتم النصاب بالرضاع بين رجل وامرأة، فالورع له أن يجتنبها بأن لا ينكحها إن لم يكن نكحها ويطلقها إن نكحها لتحل لغيره، ويكره له المقام معها، لخبر البخاري: عن عقبة بن الحارث أنه تزوج بنت ابن أبي إهاب فأتته امرأة فقالت قد أرضعتكما، فقال لها لا أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كيف وقد قيل؟ ففارقها ونكحت زوجا غيره.
وانظر الفتوى رقم: 62386.
والله أعلم.