عنوان الفتوى : هل تجب الزكاة في العقار الذي يشتريه الإنسان بنية حفظ المال ؟
هل تجب الزكاة في العقار الذي يشتريه الإنسان بنية حفظ المال ؟
الحمد لله.
من اشترى عقاراً لا بقصد التجارة ، وإنما كملاذ آمن يستودع فيه ماله ، بحيث إنه : متى احتاج إليه للنفقة أو للعلاج أو لزواج الأبناء أو غير ذلك ، باعه وانتفع بثمنه : فهذا لا تجب عليه زكاته ؛ لأنه لم ينو به التجارة ، وإنما اشتراه بقصد حفظ المال ، ولذلك فهو يعد من "مال القنية" التي لا تجب فيها الزكاة بالإجماع .
وقد ذكر العلماء أن من معاني القنية : حفظ المال والادخار.
قال النووي : " الْقنية بِكَسْر الْقَاف : الادخار ، قَالَ الْجَوْهَرِي : وَيُقَال : قنوت الْغنم وَغَيرهَا قُنوة وقِنوة بِكَسْر الْقَاف وَضمّهَا ، وقنيت أَيْضا قِنية بِالْكَسْرِ وَالضَّم : إِذا اتخذتها لنَفسك لَا للتِّجَارَة " . انتهى من " تحرير ألفاظ التنبيه " (ص: 113)
وقال الكفوي : " الْقنية: هِيَ اسْم لما يقتنى أَي: يدّخر ويتخذ رَأس مَال زِيَادَة على الْكِفَايَة".
انتهى من " الكليات " (ص: 734) .
فمن اشترى عقاراً ليحفظ به ماله من الضياع أو السرقة أو خشية استهلاكه بكثرة النفقة ، وربما يستفيد من هذا العقار مستقبلاً بزراعة أو استراحة أو سكن أو استثمار أو إيجار أو نحو ذلك، فهذا لا يعد عروض تجارة .
قال الشيخ ابن عثيمين : " إذا اشترى الإنسان أرضا في مصر أو في السعودية أو في العراق أو في الشام أو في أي مكان من الأرض ، وهو لا يريد الاتجار بها ، إنما اشتراها ليبني عليها سكنا ، أو يبني عليها بناء يؤجره ، أو اشتراها ليحفظ فلوسه فيها : فليس عليه في ذلك زكاة ؛ لأن الأراضي عينها ليس فيها زكاة حتى تكون للتجارة ، أي حتى يجعلها الإنسان رأس مال له ، يبيع فيه ويشتري .
فإذا كان الأول هو مرادك بشراء هذه الأرض : فليس فيها زكاة .
وإذا كان قصدك أن تتجر بها ، كما يتجر أصحاب العقارات بأراضيهم : فعليك فيها الزكاة ". انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (215/ 15) .
وقال أيضا:
" الإنسان الذي عنده أرض ، نسأله أولاً: ماذا تريد بهذه الأرض؟ هل تريد أن تبقيها لتبني عليها مسكناً أو تبني عليها مبنى للتأجير، أو تريد أن تحفظها وتقول: إن احتجت بعتها وإلا أبقيتها، أو تقول: اشتريت الأرض لأحفظ دراهمي؛ لأنني رجل أخرق لو بقيت الدراهم في يدي لضاعت، ولكني أحفظ دراهمي بهذه الأرض، ولا أقصد الفرار من الزكاة، فإذا كان يريد هذه الأمور : فالأرض لا زكاة فيها". مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (18/147)
ولكن يستثنى من هذا : من يشتري العقار لحفظ المال بقصد التهرب من الزكاة ، فهذا تجب عليه الزكاة ؛ لأن من تحايل لإسقاط واجب شرعي : لم يسقط عنه .
قال المرداوي: " وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا مِنْ الزَّكَاةِ ، فَقِيلَ: يُزَكِّي قِيمَتَهُ ... وَهُوَ الصَّوَابُ، مُعَامَلَةً لَهُ بِضِدِّ مَقْصُودِهِ ، كَالْفَارِّ مِنْ الزَّكَاةِ " انتهى من " تصحيح الفروع " (4/ 206) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد: " لما كانت أحكام الزكاة في عُرُوض التجارة – ومنها: (العقارات) – تدور على النية ، وهي بين العبد وبين ربه، لذا فإنه يحرم على من وجبت عليه الزكاة تحويل نيته فراراً منها، وهو آثم، فعليه التوبة إلى الله تعالى بإعمال نيته الصادقة فيها، وإن لم يَتُبْ، وعُلِمَ منه ذلك: فإنه يُعامل بنقيض قصده، وتؤخذ منه الزكاة لذلك العقار.
مثال ذلك: إذا كان مالك العقار نيته البيع وطَلَبُ الربح، ثم لما قرب تمام الحول حَوَّل نيته إلى الإِيجار أو القُنية، فراراً مما افترضه الله عليه من الزكاة، فإنه يُعامل بنقيض قصده، فتجب عليه زكاة رقبة الملك، وتؤخذ منه قَضَاءً". انتهى من " فتوى جامعة في زكاة العقار" صـ29
والحاصل :
أن العقار الذي يشتريه صاحبه بنية حفظ المال : لا زكاة فيه ، إلا إن قصد الفرار من الزكاة .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |