عنوان الفتوى : طهارة الثوب المتنجس إذا انفصل عنه الماء غير متغير
إذا أصابت بعض الثياب نجاسة من ماء نجس ثم جف بلا لون أو رائحة، أو ملامسة نجاسة رطبة، ولكنها لم تترك أثراً مادياً كبيراً في الثياب وكانت تلك الثياب أكثر من ثوب مثلاً ثم وضعتها جميعاً في الغسّالة الكهربائية التي يصب عليها الماء من أعلى، فهنا عندي خاطر يؤرقني وهو أنني عندما يلاقي الماء الثوب الأول مثلاً أو أول جزء نجس من الثوب، فإن الماء وإن لم يتغير فقد صار مستعملاَ يعني ـ ماء طاهرا ولكنه ليس طهورا ـ فهل إذا لاقى الماء المستعمل هذا الثوب أو ثيابا أخرى نجسة يتنجس ـ وإن لم يتغير ـ وهنا تصير كل الثياب والماء، بل وباطن الغسالة نجساً؟ وعندما أغسل الثياب بيدي قطعة قطعة تساورني نفس الفكرة، فالماء لن يلامس الثوب كله في وقت واحد، وهنا نفس الفكرة فالماء أول ما لاقى نجاسة صار مستعملا وفقد طهوريته وتنجس بملاقاة نقطة نجاسة أخرى وحوض الغسيل المبتل قد تنجس، بل وحتى يدي، فما رأيكم في هذا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في تنجيس الماء بمجرد ملاقاة النجاسة، وطالما أنك تعاني من الوسوسة فلا حرج عليك في الأخذ بأرفق الأقوال بك في ذلك وهو ما ذهب إليه مالك ـ رحمه الله ـ واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، من أن الماء لا ينجس إلا بالتغير سواء ورد على النجاسة أو وردت عليه، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما القول الثاني: فهو قول من يقول القياس أن لا ينجس الماء حتى يتغير؛ كما قاله من قاله من فقهاء الحجاز والعراق وفقهاء الحديث وغيرهم كمالك وأصحابه ومن وافقهم من أصحاب الشافعي وأحمد، وهذه طريقة القاضي أبي يعلى بن القاضي أبي حازم مع قوله: إن القليل ينجس بالملاقاة، وأما ابن عقيل وابن المنى وابن المظفر وابن الجوزي وأبو نصر وغيرهم من أصحاب أحمد فنصروا هذا أنه لا ينجس إلا بالتغير كالرواية الموافقة لأهل المدينة وهو قول أبي المحاسن الروياني وغيره من أصحاب الشافعي، وقال الغزالي: وددت أن مذهب الشافعي في المياه كان كمذهب مالك.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 181305، 134196، 188747، وما أحيل عليه فيها.
وعليه؛ فإذا انفصل الماء عن الثياب غير متغير بعد تكرار غسلها، فإن هذه الثياب يحكم بطهارتها، سواء غسلت في الغسالة أم على اليد، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 227587، 198849، 174107.
وراجع بخصوص الماء المنفصل بعد طهارة المحل بعد الاستنجاء فتوانا رقم: 101356.
والله أعلم.