عنوان الفتوى : الأب إذا اشترى كمبيوتر لأحد أولاده.. هل يعتبر تمليكا له؟
عندما كنا ندرس ـ أنا وإخوتي ـ اشترى لنا والدي كمبيوتر غير محمول، وبعد مدة طويلة قرّرت أن أكمل دراستي واحتجت حينها إلى كمبيوتر محمول، فاشترى لي والدي واحدا وكان إخوتي يستعملونه معي في المنزل، ومؤخّرا حصل خلاف بيني وبين أختي، حيث كانت تستعمله كثيرا في الألعاب، فطلبت منها أن تكفّ عن ذلك، فقالت لي إنّ هذا الكمبيوتر المحمول لنا جميعا وهي حرّة تستعمله كيف تشاء، فأجبتها بأنّ والدي اشتراه لي لحاجتي له في دراستي، وسؤالي هو: هل يعتبر الكمبيوتر المحمول ملكا لي؟ أم أنّنا نشترك فيه أنا وإخوتي؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأب لا يزال حيا فينبغي سؤاله هل خصك به دون إخوتك وملكك إياه؟ أم اشتراه لكم جميعا؟ وبحسب ما يقول الأب تلتزمون، وأما إذا كان الأب غير موجود فينظر هل صدر من أبيك ما يدل على تمليكك الجهاز أم لا؟ ويرجع في معرفة ذلك إلى القرينة وعرف الناس وعاداتهم في الهبة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مختصر الفتاوى المصرية: وَمذهب مَالك وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ أَن البيع وَالْهِبَة وَالْإِجَارَة تثبت بالمعاطاة وَبِمَا يعده النَّاس بيعا أَو هبة أَو إِجَارَة، وَمذهب الشَّافِعِي اعْتِبَار الصِّيغَة إِلَّا فِي مَوَاضِع مُسْتَثْنَاة، وَلَيْسَ لذَلِك صِيغَة محددة فِي الشَّرْع، بل الْمرجع فِي الصِّيغَة الْمقيدَة لذَلِك إِلَى عرف الْخطاب، وَهَذَا مهذب الْجُمْهُور، وَكَذَلِكَ صححوا الْهِبَة بِمثل قَوْله: أعمرتك وأطعمتك وحملتك على هَذَا الدَّابَّة وَنَحْوه مِمَّا يفهم مِنْهُ أهل الْخطاب الْهِبَة. انتهى.
وقال الخرشي في شرح مختصر خليل: الركن الثالث وهو الصيغة كقوله: وهبت لك، أو مفهم معناها، وسواء كان مفهم معنى الصيغة قولا كخذ هذا ولا حق لي فيه، أو فعلا كدفعه له وتقوم قرينة على إخراجه عنه وتمليكه للمعطى، ومَثَّلَ المؤلف للفعل بقوله: كتحلية ولده ـ والمعنى: أنه إذا حلى ولده الصغير بحلي ثم مات فإنه يكون للصبي ولا يورث عن الأب، وظاهره وإن لم يشهد بالتملك، وهو كذلك، لأن التحلية قرينة عليه ما لم يشهد بالإمتاع. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: قوله: وتحصل الهبة بما يتعارفه الناس هبة, من الإيجاب والقبول والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها ـ هذا المذهب، اختاره ابن عقيل, والمجد في شرح الهداية, وغيرهما. انتهى.
هذا، وننصحك ـ أيتها السائلة ـ أن تتسامحي في هذا الأمر مع إخوتك فمودتهم أبقى وأنفع، وانظري في معرفة حكم محاباة الأب لأحد أولاده في العطية الفتوى رقم: 111384.
والله أعلم.