عنوان الفتوى : كيفية الإنكار على الوالد الذي يلعن نفسه ويلعن أباه ويسب زوجته وأولاده ويتلفظ بالكفر
أبي عندما يغضب يقول لنا: يلعن أباكم، وأحيانا يقول يلعن أبا أبيكم ـ أي أنه يلعن أباه في قبره!! ويلعن نفسه يوميا بشكل جنوني عند أي مشكلة ولو كانت بسيطة، ودائما يسب أمنا كأن يقول أولاد.... أو يسبني ويسب أختي بألفاظ قبيحة جدا..وأحيانا يكفر ـ والعياذ بالله ـ وسؤالي هو: هل بلعن نفسه عند غضبه يكون قد خرج من رحمة ربه؟ وهل نأثم نحن، لأنه يلعن أبانا؟ وبلعنه والده هل يعتبر عاقا ـ لا قدر الله؟ وهل باستغفاره قليلا يمحو الله ذنوبه؟ وهل بسبي أنا وأمي وأختي يعتبر من الذين يقذفون المؤمنات المحصنات؟ وهل آثم إذا صرخت في وجهه جدا ونهيته عن هذه الأقوال، لأنني لا أطيق سماعها أبدا وخصوصا عندما يسب أمي؟ وأذكر أن أمي منذ سنتين قد حلفت على القرآن أنه إذا أعاد إهانتها وسبها فلن تعيش معه تحت سقف واحد أبدا ولكنه لم يسمع وهي لم تنفذ القسم، فهل تعتبر مطلقة؟ ودائما تقسم بالله أن لا تفعل كذا أو.... ولا تنفذ ما تقوله، فما هي كفارة ما تفعل؟ أرجو أن تجيبوني على أسئلتي كلها، وجزيتم عن الأمة خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما لعن والدكم نفسه فهو منكر عظيم، ويخشى أن يستجيب الله له فيخرج من رحمته تعالى ـ عياذا بالله ـ ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
وأما لعنه أباه: فمنكر عظيم كذلك، بل هو من أكبر الكبائر ـ عياذا بالله ـ وفي المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ: ثم بين كيفية ذلك بقوله: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ.
فكيف بمن يلعن والده مباشرة؟
وإن كان يرمي زوجته أو أحدا من أولاده أو بناته بالزنا فهو من القذف المحرم الذي هو من الكبائر كذلك، وهو من قذف المحصنات المؤمنات الذي عده النبي صلى الله عليه وسلم إحدى الموبقات السبع، وأما ما يقع منه من الكفر فهو المنكر الذي لا أنكر منه وهو الموجب للخلود في النار ـ عياذا بالله ـ إن لم يتب صاحبه.
وبالجملة فأبوكم على خطر عظيم، فيجب عليه أن يبادر بالتوبة النصوح، وأن يقلع عن هذه الموبقات، وأما أنتم: فلا إثم عليكم لما يفعله، فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ولكن عليكم أن تنهوه عن هذه المنكرات بما لا يخالف الأدب معه ولا يوقع في عقوقه، لقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
وأما رفع الصوت عليه: فلا يجوز، بل ينكر عليه بالرفق واللين، ولتنظر الفتوى رقم: 214936.
وأما أمكم: فلا يقع الطلاق بقولها هذا، وفي خصوص ما يقع فيه هذا الرجل من الكفر فننبه أولا إلى أن الحكم على شخص بالكفر ليس بالأمر الهين، فلا يجوز الحكم على معين بالكفر إلا إذا تحقق إتيانه بما يخرج عن الملة، وموجبات الردة قد وضحناها في الفتوى رقم: 146893.
ثم إن فعل الشخص ما يخرج من الملة فإنه لا يحكم عليه بالكفر إلا بعد تحقق ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه على ما هو مبين في فتاوى كثيرة في موقعنا، لكن على تقدير صحة ما ذكر، فإن كان زوجها قد أتى بالكفر ولم يتب فلا يجوز لها أن تمكنه من نفسها، وفي هذه المسألة تفصيل تنظر الفتوى رقم: 185481، وما فيها من إحالات لمعرفته للأهمية.
وأما ما حلفت عليه من أيمان وحنثت فيها: فيجب عليها أن تتحرى عدد تلك الأيمان وتكفر عن كل يمين تتيقن أنها حنثت فيه كفارة يمين، ولتنظر الفتويان رقم: 113144، ورقم: 145587.
والله أعلم.