عنوان الفتوى : زوجها يحرمها من ولدها ويمتنع من مخالعتها حتى تتنازل له عن حضانته
تزوجت من رجل يحمل نفس الجنسية التي أحملها ، ولكنه يحمل جنسية أخرى لبلده الأصلي وبعد زواج دام سنين أنجبنا طفلاً يبلغ من العمر الآن 3 سنوات وفي يوم من الأيام قام زوجي بسرقة طفلي مني وذهب به للعيش في موطنه الأصلي لأنه يعلم أنني سأحصل على حق الحضانة ، بينما القانون في بلده يحميه ، وهو يعلم أنني لا أستطيع السفر لتلك الدولة ، بسبب انعدام الأمان وعدم امتلاكي تأشيرة إقامة . وقد حاولنا إنهاء هذا الزواج بأكثر من طريقة ، ولكنه يظل يماطلني ويتظاهر بأنه سوف يحضر لي ولدي ، وبعد نفاد صبري طلبت منه الخلع ، ولكنه يريدني أن أتخلى عن حق الحضانة ليوافق على الخلع . فهل يجوز له أن يطلب مني التخلي عن حق منحه الله لي ؟ ألا يعد هذا من الظلم ؟ وهل يجوز لي طلب الطلاق بسبب ما يحدث ؟ أنا محرومة من رؤية طفلي منذ أكثر من سنة بسبب ذلك وقد أخبرني بعض المشايخ أنّ هذا ظلم ولكنني أود التأكد قبل أن أتصرف فأنا لا أريد أن أعصي الله .
الحمد لله
أولا :
ما فعله زوجك من أخذ ولدك منك وحرمانك من رؤيته منكر عظيم ، وقد توعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم من يفرق بين الأم وولدها أن يفرق الله سبحانه بينه وبين أحبته يوم
القيامة ، والجزاء من جنس العمل ، فقد أخرج الترمذي في سننه (1283) عن أبي أيوب رضي
الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من فرق بين الوالدة
وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ) ، حسنه الألباني في " مشكاة
المصابيح " (3361) .
ثانيا :
يتضح من سؤالك ومما جري ويجري بينك وبين زوجك أن العشرة قد ساءت بينكما ، وصارت
متعذرة أو متعسرة ، وفي مثل هذه الحال ينبغي للزوجين أن يفترقا بمعروف ، إما
بالطلاق ، وإما بالخلع إذا رفض الزوج الطلاق .
وإذا تعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين ، فإن الزوج يلزم بالطلاق إن كان هو الظالم لزوجته ، أو يلزم بالخلع إذا كان البغض وإرادة المفارقة من الزوجة ، مع عدم ظلم الزوج لها ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى : (152402) .
ثالثا :
إذا افترق الزوجان فالحضانة حق للأم ، ما لم تتزوج ، بإجماع العلماء ، ودلت على ذلك
السنة النبوية ، ولأن ذلك هو الأصلح للطفل في الغالب ، وقد سبق بيان هذا في الفتوى
رقم : (5234) ، (153390 ) ، (8189) .
وقد حرم الله على الزوج أن
يؤذي زوجته ويمنعها حقوقها حتى تفتدي منه وتدفع له بعض المال ، فقال تعالى : ( وَلا
تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ
بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/19 .
فظلم الزوج لزوجته حتى تفتدي منه بتنازلها عن حقها في الحضانة أشد إثما ، لأن ذلك
أشد ألما وإيذاءا للأم من أخذ أموالها .
وهذه القواعد والمبادئ التي
قررناها هي مبادئ عامة ، لكن تطبيقها على وقائع خاصة يحتاج إلى العلم بتفاصيل تلك
الوقائع ، فقد تكون الزوجة ظالمة لزوجها ، ولم يجد وسيلة يتخلص من ظلمها إلا بهذه
الطريقة ، وقد تكون الأم غير أمينة على تربية أولادها فيكون بقاء الولد مع أبيه
أصلح له ، وقد يكون الأمر بالعكس .
والحكم في هذه الأمور والقطع فيها لا يكون إلا بعد العلم بتفاصيل القضية . وانظري
لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (153390) .
والذي ننصحك به أخيرا ....
هو أن تعلمي أنه نظرا لغياب الوازع الديني عند أكثر الناس ، وغياب القضاء الشرعي
الذي يعطي صاحب الحق حقه كاملا غير منقوص في أكثر البلاد .
ففي هذه الحالة : يكون الحصول على بعض الحق أفضل من خسارة كل شيء ، فقد يكون من
الأنسب لك – في ظل هذه الظروف – أن تتنازلي عن الحضانة مقابل الحصول على الطلاق ،
لأنك في كل الأحوال قد حيل بينك وبين ولدك ، ولن تستطيعي الحصول عليه مرة أخرى ،
إلا أن يشاء الله .
وينظر للفائدة في جواب السؤال رقم : (180511) .
ولا يدري أحد ماذا سيكون غدا
إلا الله ، فقد ييسر الله لكِ الأمر من حيث لا تحتسبين ، ويجمع بينك وبين ولدك
بأمور يقدرها الله عز وجل .
وإذا ظلم المسلم في الدنيا ، فإن ذلك يكفر عنه ذنوبه ، ويرفع درجته إذا صبر على ذلك
، ثم يكون يوم القيامة الحكم العدل من الله عز وجل بين المتخاصمين .
نسأل الله تعالى أن يزيل كربك وأن يجمع بينك وبين ولدك في خير .
والله أعلم .