عنوان الفتوى : النوم...فوائده..أحسن أوقاته وأردؤها
هل صحيح أن فترة ما بين العصر والمغرب لا يجوز فيها النوم أو الاستحمام ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد امتن الله سبحانه وتعالى على عباده بنعمة النوم، فقال جل وعلا: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً [النبأ:9].
والمسلم ينبغي أن تكون حياته متوازنة يعطي كل ذي حق حقه، فينام عندما يحتاج إلى النوم، ويستيقظ عندما يأخذ حاجته دون إفراط ولا تفريط.
يقول صاحب الظلال عند تفسير هذه الآية: فهذا السبات: أي الانقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي، وسر من أسرار القدرة الإلهية، ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه.....
ويقول ابن القيم في الطب النبوي: ومن تدبر نومه ويقظته -صلى الله عليه وسلم- وجده أعدل نوم وأنفعه للبدن والأعضاء والقوى: فإنه كان ينام أول الليل ويستيقظ أول النصف الثاني، فيقوم ويستاك ويتوضأ ويصلي... فيأخذ البدن حظه من النوم والراحة، وحظه من الرياضة مع وفور الأجر...
ثم يقول: ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه.... وللنوم فائدتان: الأولى: سكون الأعضاء وراحتها،
والثانية: هضم الغذاء.
ثم قال: ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل... ويرخي العصب ويضعف الشهوة.... إلا في الصيف وقت الهاجرة، وأردأ منه نوم أول النهار، وأردأ منه النوم بعد العصر، ورأى عبد الله بن عباس ابناً له نائماً نومة الصبيحة فقال له: قم. أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟
ثم قال: وقيل نوم النهار ثلاثة: خلق، وحرق، وحمق. فالخلق نومة الهاجرة، وهو خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحرق نومة الضحى تشغل عن أمر الدنيا والآخرة، والحمق: نومة العصر.
ثم قال: قال بعض السلف: من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه.
وبناء على ما تقدم من كلام أهل العلم: فإن أحسن أوقات النوم هو ما كان في الليل عند الحاجة، وأسوأ أوقات النوم ما كان في النهار باستثناء القيلولة في الصيف، وأسوأ أوقات النهار هو ما كان بعد العصر.
ولعلهم بنوا ذلك على التجربة والطب.... لأنهم لم يستدلوا عليه بآية من كتاب الله أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر كذلك فهذا لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية لأن الشريعة إنما جاءت لجلب المصلحة ودرء المفسدة.. وعلى هذا فلا ينبغي النوم بعد العصر.
وأما الاستحمام أو الغسل بعد العصر فلم نقف على نهي عنه أو أمر به؛ وإنما هو كسائر الأوقات على الأصل، فإذا احتاج المسلم إلى الغسل فلا مانع من ذلك، وإذا وجب عليه الغسل من الجنابة أو انقطاع الحيض..... فيجب عليه أن يبادر بالغسل قبل صلاة المغرب.
والله أعلم.