عنوان الفتوى : مآلات فتح باب إقامة الحدود لعامة الناس
هل المرتد يقتل إذا لم يعلن ردته؟ وإذا هرب مثلا هل على الشخص الذي يصادفه أن يقتله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن ارتد حقيقة ولم تُعلم ردته، فهو في الظاهر مسلم، ويعامل معاملة المسلمين من حيث حرمة دمه، وماله، وعرضه. ومن علم من الناس حقيقة حاله وأنه مرتد، فإنه ينصحه، ويذكره ويحثه على التوبة. فإن أصر على ردته، رفع أمره إلى المحكمة الشرعية حتى تستتيبه، أو تقيم حد الردة عليه؛ وانظر الفتوى رقم: 199759عن موقف المسلم إذا علم بردة غيره وهل يرفع أمره للحاكم .
ولا يجوز لآحاد الناس أن يقتلوه؛ لأن الحدود يقيمها السلطان أو نائبه، ويحرم على غيره إقامتها؛ كما نص عليه الفقهاء.
قال ابن مفلح في الفروع: تَحْرُمُ إقَامَةُ حَدٍّ إلَّا لِإِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ. اهــ.
ومثله ما في المجموع للنووي الشافعي: لا يقيم الحدود على الأحرار إلا الإمام، أو من فوض إليه الإمام؛ لأنه لم يقم حد على حر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلا بإذنه، ولا في أيام الخلفاء إلا بإذنهم؛ ولأنه حق لله تعالى يفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمن في استيفائه الحيف فلم يجز بغير إذن الإمام. اهــ.
ولو فتح باب إقامة الحدود لعامة الناس لانتشرت الفوضى، وادعى كل قاتل أنه أقام الحد على المقتول.
ولذا جاء في مختصر الفتاوى المصرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَلَيْسَ لأحد أَن يزِيل النكر بِمَا هُوَ أنكر منه مثل أَن يقوم وَاحِد من النَّاس يُرِيد أَن يقطع يَد السَّارِق، ويجلد الشَّارِب، وَيُقِيم الْحُدُود؛ لِأَنَّهُ لَو فعل ذَلِك لأفضى إِلَى الْهَرج وَالْفساد؛ لِأَن كل وَاحِد يضْرب غَيره ويدعي أَنه اسْتحق ذَلِك. فَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِيهِ على ولي الْأَمر المطاع كالسلطان ونوابه. اهــ.
وانظر المزيد في الفتوى رقم: 213319 ، والفتوى رقم: 210058 .
والله تعالى أعلم.