عنوان الفتوى : للوالدين حق الطاعة والبر على أولادهما والدعاء لهما، وإن قصرا في التربية والنفقة
قال تعالی: [وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] سمعت ممن لا ثقة لي بعلمه أن الوالد الذي لم يقم بدوره بالتربية / أو الوالدة لا تجب له الطاعة والبر والدعاء لقوله تعالی: [كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] . ولم أتمكن من معرفة صحة هذا القول، فهل هذا القول صحيح شرعاً ؟ وهل قال بهذا أحد من السلف ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا ينبغي أخذ العلم إلا عن أهله العالمين به ، ويبقى العلم ببقاء العلماء ، فإذا
أراد الله قبض العلم قبض أهله ، وقد روى مسلم في "مقدمة الصحيح" (1/ 14) عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا
عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ " .
ثانيا :
للوالدين حق البر على أبنائهما وإن قصرا في حق التربية والإنفاق .
وتضييع الوالد حق ولده ، وتقصيره في تربيته : ذنب يؤاخذ به ويعاقب عليه ، ولكنه ليس
مسوغا للعقوق الذي هو من أكبر الكبائر .
ولو أنه كلما قصر الوالد في حق ولده ، جاز للولد أن يقصر في حق أبيه : فسدت بيوت
المسلمين ، وعق الولد والده أو والدته بأدنى شبهة ، واتخذ من اجتهاده ذريعة لعقوق
والديه ، فيقول : قصر والدي فلم يعطني حقي ، وقصرت والدتي فلم تعدل بيني وبين إخوتي
، فيعقهما ، ويرى ألا حقوق لهما عليه ، وفي هذا فساد الأسرة والمجتمع .
سئل ابن باز رحمه الله عن حكم الشرع في شخصٍ لم يربه أبوه -كما قال-،
ولم يربه بأي نوع من العناية، حتى أثناء طفولته، بالرغم من مقدرة الوالد على
الإنفاق على الابن، فهل تجب حينئذٍ الصلة بين الأب وابنه؟
فأجاب :
" نعم، على الولد أن يبر بوالده، ومعرفة حقه ، والإحسان إليه ؛ ولو أساء الوالد،
ولو قصر ؛ فالوالد عليه التوبة إلى الله من تقصيره، عليه أن يتوب إلى الله من
تقصيره في حق ولده في تربيه، ولكن هذا لا يبرر للولد العقوق، بل يجب على الولد أن
يبر والديه وإن قصرا في حقه، قال الله في حق الكافرين: في قصة لقمان: (وصاحبهما في
الدنيا معروفا) ، ولو كانا كافرين .
فالواجب على الولد الإحسان إلى والديه وبرهما والرفق بهما، ومعاملتهما المعاملة
الطيبة الحسنة ، وإن قصرا في حقه " انتهى من موقع الشيخ .
http://www.binbaz.org.sa/mat/9310
أما قوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء/ 24.
فهذا جري على العادة ، وهي أن الوالدين يربيان أولادهما ، فينبغي على الولد الدعاء
لهما بالرحمة ، مقابلةً للنعمة بالشكر ، ولا يشذ عن ذلك إلا القليل ، ولا حكم للشاذ
.
وعلى قياس قول هذا القائل : إذا مات الوالدان أو أحدهما بعد ولادة الطفل فلا حظ لهما في هذا الدعاء بالرحمة ، لأنهما لم يربياه صغيرا ، والذي قام بتربيته والإنفاق عليه أولى بهذا الدعاء منهما ، وهذا لا يقول به أحد .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (176847) .
والله تعالى أعلم .