عنوان الفتوى : تقول " أكره والدي كثيراً فهو السبب في تعاستي فهل ألام على كرهي له ؟ "
أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة ، ما أعاني منه أني أكره والدي بشدة ولا أطيق أن أسمع حتى أخباره , أبي قد أجرم في حقي وحق والدتي وإخوتي ، تركني وأنا صغيرة في عمر الثامنة ورحل إلى بلد آخر وتزوج من أخرى ونسي أنه لديه ابنتين صغيرتين ، أنا وأختي كنا في حاجة لوجوده معنا لكن لم يهتم لذلك فكل ما يهمه نفسه , تركنا أنا وأمي وأختي عند إخواني المتزوجين ، زوجاتهم كانوا قساة القلوب علينا ، يختلقون المشاكل ، وإخواني يصدقونهم ، وحتى وصل الأمر إلى طردنا أنا وأمي وأختي لنعيش فترة في بيت أختي المتزوجة ، وكثير من المصاعب مرت علينا ، ألوم والدي ؛ لأنه لم يفكر بنا ولم يوفر لنا العيش الهانئ ، تتقاذفنا الأقدار بكل قسوة وظلم ، بعدها هاجرنا مع والدتي إلى نفس البلد الذي فيه والدي ، وكان قد أنجب أولاداً من الأخرى ، لم يعدل بيننا ، عشنا ظروفاً قاسية ، لم يصرف علينا ، حتى أمي المسكينة كانت تبيع ملابسنا المستعملة لتوفير الأكل لنا ، وكبرنا وما زلتُ لا أرى من أبي أي اهتمام ، أكرهه بشدة ، فهو لا يستحق حتى كلمة " أب " ؛ لم يوفِّر العيش الكريم لي ولأختي ، ولم يهتم بمستقبلنا من ناحية الزواج والاستقرار , أصبحتُ قاسية بسبب الظروف الصعبة التي مررت بها ، والآن قد باع بيتا له وأعطى الأموال كلها لزوجته الأخرى وأولادها ونحن لم يذكرنا بشيء أبداً , أكرهه جدّاً ، فهل أُلام على كرهي له ؟ وما هو حكم الشرع في ذلك ؟
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يجبر مصابكم وأن يزيل آلامكم وأن يكتب لكم الأجر ، كما نسأله
تعالى أن يهدي والدكم فقد أساء غاية الإساءة بذلك الإهمال المتعمد لأسرته التي أوجب
الله تعالى عليه رعايتها والعناية بها ، وخاصة أن من فرَّط فيهم من أسرته هم
الضعفاء منهم ، كما أن أباكم قد وقع في ظلم أمكم فلم يعطها حقها من النفقة ولم يعدل
بينها وبين زوجته الأخرى ، كما أنه وقع في الظلم في العطية حيث أعطى أولاده من
زوجته الأخرى دون أولاده من الزوجة الأولى ، وكل ما فعله أبوكم هو معاصٍ واضحة
بيِّنة وتفريط فيما أوجب الله تعالى عليه ، وهو مستحق للوعيد إلا أن يتوب لربه
ويرجع عن غيِّه ويقيم العدل في أسرتيه ويصلح ما أفسده ، فإن فعل ذلك وجد ربَّه
توَّاباً رحيماً .
ثانياً:
مع كل ما فعله والدكم فإنَّ حقَّه في البرِّ والطاعة في المعروف محفوظان بنص الشرع
، وإذا كان الله تعالى قد ذكر حق الوالد المشرك – بل والداعي لأولاده لأن يشركوا
بربهم عز وجل – بالبر والصحبة بالمعروف فلأن يكون ما دونه في السوء أولى وأحرى بذاك
البر وتلك المصاحبة بالمعروف ، قال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ
بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 ، فإذا استحق الأب الوعيد
على معاصيه وتفريطه في الواجبات الشرعية ، فإن الأولاد العاقين وغير البارين
بوالديهم متوعدون – كذلك - على أفعالهم ، وليس من الجائز مقابلة العقوق بعقوق ولا
مقابلة الظلم بظلم .
ثالثاً:
أما البغض القلبي للوالد العاصي أو الكافر فإن الأولاد لا يلامون عليه ، ولا يتنافى
هذا مع برِّه وطاعته بالمعروف ، لكن عليك أن تمسكي لسانك عن الإساءة إليه ، وأن
تمسكي يدك أيضا عن الإساءة إليه .
وبما أن الأمر قد وقع من
والدكم ، وقد تحملتم من الآلام ما تحملتم ، فإننا نوصيكم باحتساب ما جرى معكم عند
الله ، ونوصيكم بالدعاء لوالدكم بالهداية والتوبة وإصلاح ما أفسد ؛ فهو أحوج ما
يكون لرحمة الله تعالى والمن عليه بالتوبة .
وانظري جواب السؤال رقم (
148924 ) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري |
---|
تقول " أكره والدي كثيراً فهو السبب في تعاستي فهل ألام على كرهي له ؟ " |