عنوان الفتوى : هل تصح الرقية بالقرآن عن بعد للمسحور أو المريض
هل تمكنني قراءة سورة البقرة لشخص مسحور بعيد عني بنية زوال السحر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن في قراءة القرآن خيرا كثيرا وشفاء لأمراض القلوب والأبدان وخاصة سورة البقرة، فقد قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: اقرءوا سورة البقرة، فإن أَخْذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلَة ـ يعني السَّحَرَة. رواه مسلم.
وقراءتك إن كانت بقصد الرقية فالأصل في الرقية أن تكون مباشرة؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل والسلف الصالح ليحصل النفث المطلوب من الراقي على المريض، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة أن مباشرة الراقي رقية المصاب أمر ضروري للحاجة للنفث على المرقي، وفيها: الرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها، ومباشرة للنفث على المريض.
ولم نقف على دليل أو قول للعلماء بصحة الرقية من بعيد، ولذلك فإن هذه الرقية لا تصح، وإن كانت قراءتك بقصد التوسل بها فإنه لا حرج ـ إن شاء الله تعالى ـ في قراءة شيء من القرآن على سبيل التوسل به إلى الله تعالى لشفاء مريض أو قضاء حاجة.. لأن ذلك من جنس التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، فيشرع قراءة القرآن للتعبد وسؤال الله به ما يشاء العبد من الحاجات، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اقرؤوا القرآن وسلوا الله به قبل أن يأتي قوم يقرءون القرآن فيسألون به الناس. رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وقال: صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرءون القرآن يسألون به الناس. رواه الترمذي وقال: حديث حسن ـ وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
قال المباركفوري في تحفة الأخوذي: فليسأل الله به ـ أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة، أو المراد أنه إذا مر بآية رحمة فليسألها من الله تعالى، وإما أن يدعو الله عقيب القراءة.
ولذلك، فإذا لم تتمكني من مباشرة المريض فيمكنك الدعاء له والتوسل بقراءة القرآن، فإن الدعاء ينفع به القريب والبعيد والحاضر والغائب ـ بإذن الله تعالى ـ فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ. رواه مسلم.
والله أعلم.