عنوان الفتوى : زوجته تحادث الرجال الأجانب ويسأل عن حكم عضلها حتى تتنازل له عن مؤخر الصداق
أنا متزوج منذ شهرين ، وقبل الزواج صار عراك ، وصل لأن ألغي الخطوبة ، وتدخلت العائلة ، ووعدت الفتاة ، التي هي زوجتي الآن ، ألا تعود مرة أخرى ، وكانت المشكلة هي الحديث مع الشباب في الإنترنت . بعد الزواج دخلت عليها ، ولم أجدها عذراء ، وحلفت لي بأنها لم يلمسها أحد قبلي ، وأنا لم أدقق في الموضوع ، وقلت لها : ربما يحدث منذ الولادة أن يكون الغشاء ممزقا ، لم أكن أريد أن أضغط عليها ؛ لأنها من العائلة ، وفي كل الأحوال سأسترها ، ولكن الشك لا يريد أن يخرج من عقلي ، وسبب لي عقدة لم أستطع أن أخرج منها حتى الآن ، بدأت أقول لها : كل شيء أسامحك ، إلا أن أرك تتحدثين مع شباب في النت ، الفيس بوك ، أو الشات ، وطلبت منها : عدم الجواب على الرسائل من الشباب ، مهما كانت نوعها . وحدث بعد شهرين أنها تواصلت مع شابين كانا صديقين لها قبل زواجي منها ، فأرجعتها لبيت أهلها ، وأخبرتهم بأنها نقضت الوعد ، وستبقى عندكم لأجل غير مسمى . وقلت لها تنازلي عن المؤخر ، أو لن تعودي لبيتي ؟ أبوها يقول : المؤخر حقها الشرعي ، ولا يجوز التنازل عنه ؟ أخاف أن أقول لولي أمرها إنها ليست عذراء ، وتصبح مشكلة بين العائلة . السؤال هو : هل طلبي أن تنازل عن المؤخر خطأ ؟ وإذا تنازلت وطلقتها يصبح إثما علي ؟ وإذا بقيت في بيت أهلها : فهل واجب علي أن أصرف عليها ، إذا لم تتنازل عن المؤخر ؟ وإذا طلقتها : فهل أدفع لها المؤخر الذي يعادل 10 آلاف دولار ؟
الحمد لله
أولا:
سبق في أجوبة عديدة : التحذير من تواصل النساء مع الرجال عبر الإنترنت ، وأن ذلك
سبب من أسباب الانحراف ، وله أثر كبير في تخريب البيوت وتدمير الأسرة وفقدان الثقة
بين الرجل وزوجته ، وينظر في ذلك جواب السؤال : (34841).
ولعل هذا الواقعة تكون عبرة لكل فتاة تقرأها .
ثانيا :
أما ما ذكرته مما يتعلق ببكارتها ، فغشاء البكارة يزول لأسباب عديدة ، كما ذكرت أنت
، فلا ينبغي لك أن تذكر هذا الأمر ، لأن هذا يعني اتهامها بأمر عظيم ، وليس عندك
بينة قاطعة عليه .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال : رقم : (96214)
.
ثالثا :
أما طلبك منها أن تتنازل عن المؤخر ، فذلك جائز ، سواء كنت ستطلقها بعد ذلك ، أو
كنت ستبقيها زوجة لك .
أما في حال الرغبة في الطلاق : فقد نهى الله تعالى الرجل أن يضيق على زوجته حتى
تتخلص منه بشيء من المال ليطلقها ، إلا إذا أتت الزوجة بفاحشة مبينة ، فيجوز ـ
حينئذ ـ للزوج أن يفعل ذلك . قال الله تعالى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا
بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ )
النساء/19.
والفاحشة المبينة تشمل الفاحشة الكبرى ( الزنا ) ، وتشمل أيضا الخلاعة ونحوها من
الذرائع التي من شأنها أن توصل المرأة إلى الفاحشة ، وتشمل أيضا : البذاء وسوء
الأخلاق ، عند بعض أهل العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى " ..... فإذا كان لغير زناها ، لكن لتوسعها
في مخاطبة الشباب ، تتكلم في الهاتف ، وما أشبه ذلك ، فهل نقول : إن هذا من سوء
الخلق الذي يبيح له أن يعضلها لتفتدي منه ؟
نعم ... فهذا الرجل يقول : ما أصبر على هذه المرأة ، وهي بهذه الحال ، فصار يضيق
عليها لتفتدي منه ، فهذا جائز.
فإن قال قائل : إن الله يقول : ( إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) ، والكلام أو النظر
ليس من الفواحش ؟
فنقول : إن هذا وسيلة إلى الفواحش ، ثم إن كثيرا من الناس يكون عنده غيرة ، أن
تخاطب امرأته الرجال ، أو أن تتحدث إليهم..." انتهى من " الشرح الممتع " (12/ 462)
.
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال : (146100)
.
أما في حال الرغبة في
إمساكها ، وعدم طلاقها : فلا حرج في طلبك : أن تتنازل عن المؤخر مقابل عدم طلاقها ،
ويكون ذلك تأديبا لها وتهديدا ، بأنها إذا لم تستقم فسوف تخسر كل شيء ،
والرجل إذا كره زوجته لسبب من الأسباب ، وأراد أن يطلقها : فإنه يجوز لها أن تتصالح
معه ، على أن تبذل له شيئا من المال حتى لا يطلقها ، ويدل على جواز ذلك قول الله
تعالى : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا
جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)
النساء/128.
قال القاسمي رحمه الله في تفسيره :
"( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها ) أي: زوجها ( نُشُوزاً ) أي: تجافيا
عنها وترفعا عن صحبتها، بترك مضاجعتها والتقصير في نفقتها ( أَوْ إِعْراضاً ) أي:
تطليقا ، أو : أن يُقلّ محادثتها ومجالستها، كراهة لها ، أو لطموح عينه إلى أجمل
منها ( فَلا جُناحَ ) أي لا إثم ( عَلَيْهِما ) حينئذ ( أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما
صُلْحاً ) بحطّ شيء من المهر أو النفقة ، أو هبة شيء من مالها أو قسمها ، طلبا
لبقاء الصحبة ، إن رضيت بذلك ؛ وإلا : فعلى الزوج أن يوفيها حقها أو يفارقها...
(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) : أي [ خير ] من الفرقة والنشوز والإعراض . قال ابن كثير: بل
الطلاق بغيض إليه سبحانه وتعالى" انتهى .
ولكن ليس لك أن تجبرها على
ذلك ، فإن لم ترض هي بذلك ، فعندك حلول أخرى .
وقد يكون من المصلحة عند تأزم الأمور : إما الطلاق وإما التنازل عن المؤخر ، قد
يكون من مصلحتها أن تتنازل عن المؤخر أو عن بعضه ، حفاظا على حياتها الزوجية
وأسرتها .
كما ينبغي لك أيضا أن لا تتشدد في هذا الشرط ، إذا كنت راغبا في بقائها معك ؛ إذ المقصود إصلاحها واستقامتها ، فذلك خير لك ولها ولعائلتكم ، وقد ذكرت أنها من عائلتك .
رابعا :
إذا نصحت زوجك بترك محادثة الرجال ، ولم تستجب لك : فإنها تكون ناشزا ، والناشز لا
تستحق النفقة ، كما سبق بيانه في جواب السؤال : (112002).
ولكن ليس لك أن تبقيها عند
أهلها حتى تتنازل عن المؤخر ، إلا إذا كنت ستطلقها بعد تنازلها عنه .
أما إذا كنت ستبقيها زوجة ولا تطلقها فليس لك أن تجبرها على التنازل عن المؤخر ،
كما يفهم ذلك من كلام القاسمي المتقدم ، وقد سبق الإشارة إليه ؛ بل يجوز ذلك إذا
تراضيتما عليه .
وأما أن المهر حق لها ، فهو صحيح ، كما يقول والدها ؛ لكن ذلك لا يمنع أن تتنازل هي
عنه ، إذا رغبت في الإصلاح بينها وبين زوجها ، كما سبق بيانه . ولا يمنع أيضا أن
تعضلها أنت ، لتطلقها ، إذا أتت بما يوجب عضلها ، على ما سبق بيانه .
والذي ننصحك به : أن يكون
قصدك من هذا إصلاحها وتوبتها واستقامتها ، فإن ذلك هو الخير لكما ؛ فحاول أن تعظها
بالله ، وتخوفها ، وتهددها بأنها إذا فعلت ذلك مرة أخرى فسوف يكون ما لا يحمد عقباه
.
ولك أن تمنعها من الإنترنت مطلقا ، أو من مواقع التواصل ، حتى يتبين لك استقامتها
فتأذن لها بعد ذلك ، إن شئت .
وفقكم الله تعالى وألهمكم رشدكم .
والله أعلم .