عنوان الفتوى : المحراب...معناه...وأول محراب في الإسلام
ماهو المحراب ؟ وما اسم الجزء من المسجد الذي يصلي فيه الإمام بالمأموم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير: (والمحراب بناء يتخذه أحد ليخلو فيه بتعبده وصلاته، وأكثر ما يتخذ في علو يرتقى إليه بسلم أو درج، وهو غير المسجد. وأطلق على غير ذلك إطلاقات، على وجه التشبيه أو التوسع، كقول عمر بن أبي ربيعة :
دمية عند راهب قسيس === صوروها في مذبح المحراب
أراد في مذبح البيعة، لأن المحراب لا يجعل فيه مذبح.
وقد قيل: إن المحراب مشتق من الحرب، لأن المتعبد كأنه يحارب الشيطان فيه، فكأنهم جعلوا هذا المكان آلة لحرب الشيطان.
ثم أطلق المحراب عند المسلمين كشكل نصف قبة في طول قامة ونصف يجعل بموضع القبلة ليقف فيه الإمام للصلاة، وهو إطلاق مُوَلَّد.
وأول محراب في الإسلام، محراب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، صنع في خلافة الوليد بن عبد الملك مدة إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة). انتهى
وقال ابن عطية رحمه الله في تفسيره: (والمحراب: المبني الحسن كالغرف والعلالي ونحوه، ومحراب القصر أشرف ما فيه. ولذلك قيل لأشرف ما في المصلى -وهو موقف الإمام- محراب). انتهى
وقال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب: (والمحراب: القبلة، ومحراب المسجد أيضاً صدره وأشرف موضع فيه، ومحاريب بني إسرائيل مساجدهم التي كانوا يجلسون فيها، وفي التهذيب: التي يجتمعون فيها للصلاة). انتهى
وقال أيضاً رحمه الله: (وقيل: سمي المحراب محراباً لأن الإمام إذا قام فيه لم يأمن أن يلحن أو يخطئ، فهو خائف مكاناً كأنه مأوى الأسد، والمحراب مأوى الأسد، يقال: دخل فلان على الأسد في محرابه، وغيله، وعرينه). انتهى
أما بالنسبة لاسم الجزء الذي يصلي فيه الإمام، فأصبح متعارفاً عليه باسم "المحراب" وإلى ذلك أشار ابن عاشور كما نقلنا عنه سابقاً.
وفي الأصل كان يقال له: مصلى الإمام -أي مكان صلاته- كما جاء ذلك في مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة، وعدلت الصفوف قياماً قبل أن يخرج إلينا النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلينا فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب، وقال لنا: مكانكم. فمكثنا على هيئتنا -يعني قياما-ً ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه.
والحديث متفق عليه. والشاهد منه أن أبا هريرة رضي الله عنه عبَّر عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم وهو إمام القوم بقوله: "فلما قام في مصلاه"، هذا مجمل ما ذكره أهل العلم عن المحراب.
والله أعلم.