عنوان الفتوى : يشكو من فقده طمأنينة القلب عند ذكر الله تعالى
ماذا أفعل أنا في مأزق أفيدوني أنا محافظ على جميع الصلوات في المسجد ، وابتعد عن المعاصي ، وكنت أسبح الله كثيرا ، وأحاول القرب منه ، ودعوته أن يجعلني من عباده الصالحين ، وأن يرزقني بقلب يبكي من خشيته ، دعوت بهذا الدعاء ثلاث مرات تقريبا بالأمس ، وقمت الليل ، ودعوت بنفس الدعاء ، وكنت محسنا الظن بالله ، ومتيقن الإجابة ، لكن بعد قيامي الليل ، ثم النوم في اليوم التالي شعرت بضيق ، وما أستطيع التسبيح ، ولا أحس بطمأنينة عند ذكر الله ، وصرت حزينا ، وأبكي من الحزن ، حاولت أن أحسن ظني بالله ، بس قلت في نفسي : لماذا يصيرلي هذا ما أطمئن بذكر الله ؟ ! ، قعدت أبكي ، وأقول في نفسي : ليش وإيش سويت ، حاولت أراجع نفسي ما تذكرت أني سويت ذنبا ، بالعكس أنا أذكر الله كثيرا ، والحين عجزت عن الدعاء ، وعن ذكر الله ، بس محافظ على الصلوات في المسجد ، وتوقفت عن قيام ليل كيف أتصرف الآن ؟
الحمد لله
ينبغي أن يُعلم أن العبد كلما حاول الاقتراب من الله اعترض الشيطان طريقه ، كي ينغص
عليه أمره ، ويكدر عليه عيشه ، ويصرفه عن عبادة الله تعالى وطاعته .
فعلى المسلم أن يتحلى بالصبر ، ومجاهدة النفس والشيطان ، ويكثر الدعاء والتضرع إلى
الله تعالى ، حتى يثبته على دينه .
إن المحافظة على الصلوات ، والبعد عن المحرمات ، وذكر الله كثيرا ، والتقرب إليه
بنوافل العبادات ، هو الصراط المستقيم ، والطريق القويم ، الذي يجب عليك أن تثبت
عليه ، وتصبر على مشقته .
وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا
لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ) ، قِيلَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الِاسْتِعْجَالُ ؟ ، قَالَ : ( يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ،
وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ
وَيَدَعُ الدُّعَاءَ) رواه مسلم (2735) .
فلا تقل : ذكرت الله كثيرا وصليت وقمت بالليل ولم يرق قلبي ، بل عليك أن تجتهد في
الذكر والصلاة والقيام حتى تصل إلى ما تريد .
وكما قيل : من أكثر دق الباب فتح له . أما من دق الباب مرة وانصرف ....
واعلم أن ما يصيبك أحيانا من الحزن والغم والضيق والفتور ، فإنه مما يمكر به
الشيطان ويكيد به المؤمنين ليحزنهم ، فإذا أدرك العبد ذلك ، وعلم أن هذا من كيد
الشيطان : تيقظ وانتبه ، واستعاذ بالله منه .
واعلم أن حلاوة الإيمان والتلذذ بذكر الله تعالى لن يصل المؤمن إلى هذه الدرجة إلا
بعد مجاهدة للنفس والشيطان ، ولذلك قال بعض السلف : " كابدت القرآن عشرين سنة ،
وتنعمت به عشرين سنة " ، فذلك التنعم بذكر الله وطاعته لا يكون إلا بعد المداومة
على العمل الصالح والمجاهدة مدة طويلة حتى يذوق المؤمن حلاوة الإيمان .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال : (114489)
، و (113465) .
وفقك الله إلى ما يحب ويرضى ، وكفاك شر نفسك وشر الشيطان .
والله تعالى أعلم .