عنوان الفتوى : العمل بالعرف وشروطه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجب علينا اتباع عادات أهل البلد؟ وما الدليل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله

من القواعد الفقهية الكبرى التي اتفق العلماء عليها ، وتدخل في عامة أبواب الفقه ، ويتفرع عليها ما لا يحصى من المسائل ، قاعدة : "العادة محكمة" .

والعادة التي يشرع اتباعها ، أو تحكيمها ، هي ما توافر فيها شرطان :

الأول: ألا تخالف نصا شرعيا ثابتا .

الثاني: أن تكون العادة مطردة ، أما إذا اضطربت ، أو تفاوتت واختلفت : فلا تكون حجة واجبة الاتباع .

جاء في شرح التلويح على التوضيح (1 / 169): " واستعمال الناس : حجة ، يجب العمل بها "انتهى .

وجاء في القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة للدكتور محمد الزحيلي(1 / 323): " إنما تعتبر العادة إذا اطردت، فإذا اضطربت فلا" انتهى.

وقال الدكتور عبد الوهاب خلاف : " العُرف : هو ما تعارفه الناس وساروا عليه، من قول، أو فعل، أو ترك، ويسمى العادة.

وفي لسان الشرعيين: لا فرق بين العرف والعادة .

والعرف نوعان: عرف صحيح، وعرف فاسد.

فالعرف الصحيح: هو ما تعارفه الناس، ولا يخالف دليلاً شرعيا ، ولا يُحِل محرماً ، ولا يبطل واجباً، كتعارف الناس على عقد الاستصناع، وتعارفهم على تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر.

وأما العرف الفاسد: فهو ما تعارفه الناس ، ولكنه يخالف الشرع ، أو يحل المحرم ، أو يبطل الواجب، مثل تعارف الناس كثيرا من المنكرات في الموالد والمآتم، وتعارفهم أكل الربا ، وعقود المقامرة.

فالعرف الصحيح يجب مراعاته في التشريع وفي القضاء، وعلى المجتهد مراعاته في اجتهاده ؛ وعلى القاضي مراعاته في قضائه؛ لأن ما تعارفه الناس ، وما ساروا عليه : صار من حاجاتهم، ومتفقا ومصالحهم، فما دام لا يخالف الشرع : وجبت مراعاته .

والشارع راعى الصحيح من عرف العرب في التشريع، ففرض الدية على العاقلة، وشرط الكفاءة في الزواج ، واعتبر العصبية - [العصبة هم الأقارب الذكور من جهة الأب ، كالجد والإخوة وأبنائهم ، والأعمام وأبنائهم] - في الولاية والإرث ؛ ولهذا قال العلماء: العادة شريعة محكمة .

والعرف في الشرع له اعتبار، والإمام مالك بنى كثيرا من أحكامه على عمل أهل المدينة، وأبو حنيفة وأصحابه اختلفوا في أحكامٍ ، بناءً على اختلاف أعرافهم ...

وفي فقه الحنفية أحكام كثيرة مبنية على العرف، منها إذا اختلف المتداعيان ، ولا بينة لأحدهما : فالقول لمن يشهد له العرف، وإذا لم يتفق الزوجان على المقدم والمؤخر من المهر : فالحكم هو العرف، ومن حلف لا يأكل لحما ، فأكل سمكا : لا يحنث بناء على العرف، والشرط في العقد يكون صحيحا إذا ورد به الشرع ، أو اقتضاه العقد ، أو جرى به العرف.

وقد ألَّف العلامة ابن عابدين رسالة سماها: "نشر العَرف فيما بني من الأحكام على العرف"، ومن العبارات المشهورة: " المعروف عرفا ، كالمشروط شرطا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص" وأما العرف الفاسد : فلا تجب مراعاته ؛ لأن في مراعاته معارضةَ دليلٍ شرعي ، أو إبطالَ حكمٍ شرعي، فإذا تعارف الناس عقدا من العقود الفاسدة ، كعقد ربوي، أو عقد فيه غرر وخطر : فلا يكون لهذا العرف أثر في إباحة هذا العقد " انتهى من علم أصول الفقه (88 -90) باختصار.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...