عنوان الفتوى : مدى مشروعية الالتزام بالأذكار والدعاء بهذه الكيفية
اطلعت على فتاوى موقعكم بخصوص الأذكار بعد الصلاة جماعة بصوت مرتفع لشاب يسأل من المغرب، وأفتيتم فضيلتكم بأنها بدعة وأنا الآن طالب في تركيا ذات الأغلبية الحنفية، وكل المساجد تقوم بتأدية الأذكار جماعة بعد الصلاة بصوت مرتفع على شكل مختلف قليلا هكذا: بعد الفرض يقول المؤذن: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ـ ثم تصلى السنة إن وجدت، ثم يقول المؤذن: على رسولنا محمد الصلوات، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.. فنقول مثل ما قال في سرنا، ثم يقول: ذو الجلال سبحان الله، فنقول 33 سبحان الله .. ذو الكمال الحمد لله، فنقول 33 الحمد لله، ذو القدرة الله أكبر، فنقول 33 مرة الله أكبر، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب ـ فندعو الله في سرنا، ثم يختم الإمام بقوله الفاتحة، فنقرأ الفاتحة في سرنا، جادلت أصدقاء لي وقلتم لهم إنها قد تكون بدعة، فأخرجوا لي كتابا مختصرا عن كيفية الصلاة للإمام أبي حنيفة، وفيه وجدت كل شيء مثل ما قالوا, الآن أنا محتار!!! فهل هي بدعة؟ وهل يمكن أن يكون الاختلاف بيني بينهم لأنني شافعي وهم حنفيون؟ وإذا ثبت أنه بدعة، فلماذا يوجد في كتاب للإمام الأعظم؟ أم أن الكتاب محرف عندهم؟ وهل يجوز لي أن أفعل معهم مثل ما يفعلون؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الالتزام بالأذكار والدعاء بهذه الطريقة يعتبر بدعة، لأنه عمل لم يثبت فعله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، فهو عمل مبتدع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه.
وفي لفظ: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد.
وقال ابن القيم: ومن الممتنع أن يفعل ذلك ـ أي دعاء الإمام بعد الصلاة مستقبل المأمومين ـ ولا ينقله عنه صغير ولا كبير، ولا رجل ولا امرأة البتة، وهو مواظب عليها هذه المواظبة لا يخل به يوماً واحداً. اهـ.
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فإن المداومة على غير السنن المشروعة بدعة كالأذان في العيدين... والدعاء المجتمع عليه أدبار الصلوات الخمس. اهـ.
وقال في موضع آخر: الثاني: دعاء الإمام والمأمومين جميعاً: فهذا الثاني لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله في أعقاب المكتوبات كما يفعل الأذكار المأثورة عنه، إذ لو فعل ذلك لنقله عنه أصحابه ثم التابعون ثم العلماء، كما نقلوا ما هو دون ذلك، ولهذا كان العلماء المتأخرون في هذا الدعاء على أقوال: منهم من يستحب ذلك عقب الفجر والعصر كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم، ولم يكن معهم في ذلك سنة يحتجون بها، وإنما احتجوا بكون هاتين الصلاتين لا صلاة بعدهما... ومنهم من استحبه أدبار الصلوات كلها، وقال لا يجهر به إلا إذا قصد التعليم، كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم، وليس معهم في ذلك سنة. اهـ.
وبناء عليه، فلا ينبغي لك متابعتهم في هذا، واشتغل أنت بتكميل الأذكار المأثورة بنفسك سرا، وهي موجودة في حصن المسلم وفي رياض الصالحين.
وأما عن وجود الخلاف بين المذاهب: فهو شيء طبيعي، ولكن الذي ينبغي للمسلم هو العمل بالراجح من أقوالهم، وهو ما تشهد له الأدلة الشرعية، وعليه مع ذلك أن يحترم الأئمة ويحسن الظن بهم ويطيعهم فيما وصوا به أتباعهم من العمل بالدليل إن صح وكان مخالفا لما قالوه، كما قدمنا بالفتوى رقم: 175019.
والله أعلم.