عنوان الفتوى : أحكام الدم الذي تراه الحامل
ما حكم الحامل التي نزل منها دم مدة شهرين ونصف, وهي لم تكن تصلي؟ مع عدم علمها أن الحامل إذا نزل منها دم قبل الأربعة أشهر فلا يعد في حكم دم النفاس, وأنا الآن لم أقضِ الصلاة, ولا أعرف كم عدد الصلوات التي لم أصلها, وهل في ذلك كفارة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فنقول ابتداء: إن قول السائلة: "الحامل إذا نزل منها دم قبل الأربعة أشهر لا يعد في حكم دم النفاس" هذا يحتاج إلى تفصيل, وذلك أن الدم النازل قبل إتمام أربعة أشهر على الحمل إن نزل بسبب إسقاط الجنين فإنه يكون دم نفاس إذا تبين في السقط خلق إنسان, وإذا لم يتبين فيه خلق إنسان كان دم فساد لا دم نفاس, إلا إذا وافق عادتها, على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 171381.
وأما الدم الذي رأته تلك الحامل لمدة شهرين ونصف, فإنه يعتبر دم فساد لا يمنع الصلاة ولا الصوم, والمفتى به عندنا أن ما تراه الحامل من الدم لا يعتبر حيضًا، كما بيناه في الفتوى رقم: 125144, جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دَمِ الْحَامِل هَل هُوَ دَمُ حَيْضٍ، أَوْ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ؟ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ دَمَ الْحَامِل دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ "لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلاَ غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ" فَجَعَل الْحَيْضَ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فَدَل عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجْتَمِعُ مَعَهُ, وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ ابْنِ عُمَرَ لَمَّا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ" مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا" فَجَعَل الْحَمْل عَلَمًا عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ كَالطُّهْرِ .. اهــ وحتى على قول من يرى أن الحامل يمكن أن تحيض فإنه لا تكون كل تلك المدة التي رأتها المرأة – شهران ونصف – حيضًا.
وبناء على القول المفتى به عندنا من أنه ليس حيضًا مطلقًا, فإن الواجب عليها الآن قضاء تلك الصلوات, ولا تطالب بكفارة غير القضاء, فإن جهلت عدد هذه الصلوات فإنها تتحرى, فتقضي ما يحصل لها معه اليقين ببراءة الذمة.
والله تعالى أعلم.