عنوان الفتوى : ميراث المفقود
طفل اختطفه بعض اللصوص ولم يُعثر عليه ، فهل يرث بعد موت والده ؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب ، فما طول المدة التي ينبغي انتظاره فيها ؟
الحمد لله.
أولاً :
من انقطع خبره ، فلا يُدرى أحي هو أو ميت ، فهذا يسميه أهل العلم رحمهم الله بـ " المفقود " ، وقد اتفق العلماء على أن المفقود يحكم بوفاته بعد مضي مدة يغلب على الظن فيها أنه لو كان حيا لعثرنا له على خبر ، واختلفوا في تقدير هذه المدة ، والصواب أنه ليس هناك مدة محددة ، وإنما يجتهد القاضي في كل قضية في تحديد تلك المدة بما يتناسب مع الحالة التي أمامه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصواب أن الرجوع في تقديرها إلى اجتهاد الحاكم ، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن والحكومات ، فيقدر مدة للبحث عنه بحيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجوداً ، ثم يحكم بموته بعد انتهائها ، والله أعلم " انتهى من " تسهيل الفرائض " (ص/126) .
ثانياً :
إذا مات الشخص وفي ورثته مفقود ، فهذا المفقود محكوم بحياته ما دامت المدة التي حددها القاضي لم تنته ، فيحفظ له نصيبه من الميراث ، فإذا انتهت المدة ولم نعثر له على خبر فإنه يحكم بوفاته حين انتهاء المدة ، وحينئذ يقسم نصيبه من التركة الذي كنا احتفظنا له به يقسم على ورثته يوم الحكم بوفاته كأنه مات عنهم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولنا في المفقود نظران :
أحدهما : في إرثه ، والثاني : في الإرث منه .
فأما إرثه : فإنه متى مات مورثه قبل الحكم بموته ورثه المفقود ، فيوقف له نصيبه كاملاً ويعامل بقية الورثة باليقين ، فمن كان محجوباً لم يعط شيئاً ومن كان ينقصه أعطي الأقل ، ومن كان لا ينقصه أعطي إرثه كاملاً .
فلو هلك عن زوجة وجدة وعم وابن مفقود : أعطينا الزوجة الثمن ؛ لأنه اليقين ، والجدة السدس ؛ لأن المفقود لا ينقصها ، ولم نعط العم شيئاً ؛ لأن المفقود يحجبه ، فنقف الباقي ثم لا يخلو من أربعة أحوال :
إحداها : أن نعلم أنه مات قبل مورثه فنرد الموقوف إلى من يستحقه من ورثة الأول .
الثاني : أن نعلم أنه مات بعده فيكون الموقوف تركة للمفقود ويصرف لورثته .
الثالثة : أن نعلم أنه مات ولا ندري أقبل مورثه أم بعده فجزم في " الإقناع " بأن الموقوف يكون لمن يستحقه من ورثة الأول كالحال الأولى ، وجزم في " المنتهى " بأن الموقوف تركة للمفقود يصرف لورثته وهذا هو المذهب ، وهو الصواب ؛ لأن الأصل بقاء حياته ولا يحكم بموته إلا بعد انقضاء مدة التربص .
الرابعة : أن لا نعلم له حياة ولا موتاً حتى تنقضي المدة ، وحكمها كالثالثة خلافاً ومذهباً .
النظر الثاني : في الإرث منه : فلا يورث ما دامت مدة التربص باقية لأن الأصل بقاء حياته ، فإذا انقضت مدة التربص حكمنا بموته وقسمنا تركته على من كان وارثاً منه حين انقضائها ثم إن استمر جهل حاله فالحكم باق ، وإن تبين أنه مات قبل ذلك أو بعده ، فماله لورثته حين موته وإن تبين أنه حي فماله له .
ومتى تبين أن ورثته حين انقضاء المدة لا يستحقون إرثه رجع عليهم من يستحقه بعينه إن كان باقياً أو بدله إن كان تالفاً من مثل مثلي أو قيمة متقوم ؛ لأنه قد تبين أنهم لا يستحقونه " انتهى من " تسهيل الفرائض " (ص/126-127) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |