عنوان الفتوى : توبة الزانية
أستسمحكم عذرا على ما سأكتب؛ لأني أعلم أنه يؤلمكم. سأطرح موضوعي عسى أن أجد حلا يخفف نزيف الألم بقلبي: أنا امرأة عمري 33، مطلقة منذ 11 سنة. تزوجت ولم أكن أفقه من الحياة الزوجية شيئا؛ لأنني تربيت في بيت محافظ جدا، ولم يكن يسمح لنا بالاختلاط بالعالم الخارجي، الأمر الذي لم يمكني من امتلاك الحكمة في التعامل مع من كان زوجي، وتفاقمت المشاكل من كلينا، وانتهت بالطلاق بعد عام واحد فقط من الزواج. بعدها عشت كأي امرأة تعاني الأسى، والألم. وشاء القدر أن أرتبط بالقاضي الذي لجأنا إليه بالمحكمة. وتم عقد قراني، لكن حدث أننا لم نستطع إكمال الزواج لظروف نفسية عاناها كلانا، فانفصلنا ونقش الحناء على يدي قبل يوم من العرس!!! عدت إلى قوقعة الألم، والحزن، والأسى، لم يكن بيدي شيء غير الصبر. أنا امرأة على قدر عال من الجمال، ولكني أعاني من شهوة تقتحم حياتي، وتوقظ ليلي. لا أدري كيف أكبتها. أحاول جاهدة مقاومة غريزتي، فأنتهي بحالة يرثى لها من البكاء والدعاء؛ لأني أعلم أن الله حال بيني والحرام، فعندما لا أفلح ألجأ إلى العادة السرية لتهدئة نفسي؛ لأني أعلم كم يصعب علي الأمر لو تركت نفسي هكذا. ومرت السنوات نفسي لا تتقبل أي رجل لأرتبط به، وشهوتي تحاربني، فأقع في نزاع مع نفسي بين الحلال والحرام. تمضي الأيام فيصادف أن أتعرف على أحد الشباب من حينا، حاول التواصل معي على أساس أنه يريد خطبتي، ثم بعد ذلك وقعت في حبه، لم أحبه فقط إنما عشقته للنخاع. حاول خلالها خطبتي عدة مرات، ولكن الأمر لم يفلح للأسف. لم يكن يحاول استغلالي، ولم يطلب قط أن نلتقي، فزادني هذا حبا وعشقا له، وبعد عدم تمكننا من الارتباط، لم نتحمل، وكانت مرت على علاقتنا 6 سنوات لم نتقابل خلالها ولو مرة، ثم ما لبث الشيطان أن دخل بيننا باسم لهيب العشق، وفقد الصبر. فتقابلنا عدة مرات، كنا نرفض فيها أن نقرب الحرام. وبعدها وبعد سنتين لم نتحمل وحدث ما كنت أجاهد نفسي خوفا منه، وارتكبت الفاحشة حوالي 3 مرات، والتي أصبحت شغلي الشاغل، وهمي الذي لا يفارقني. أنا في حياء من ربي لدرجة أنني أستحي أن أدعوه، فتركت من أحب لاختلافنا الدائم، ثم عودتنا، ولكن هذه المرة غيرت أرقامي، وأشعر بعظمة الأمر والذنب. دلوني ماذا أفعل؟ كيف أكفر عن ذنبي؟ وهل يتوجب علي إطعام 60 مسكينا أو صيام شهرين؟ كيف أعرف أن الله راض عني؟ كيف أتخلص من شهوتي التي تؤلمني لحد البكاء؟ كيف أرتبط بأي شخص وما عاد قلبي يقوى على الحب، فقد امتلكه شخص واحد، وعاقبني الله به؟ أجيبوني جزيتم خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الزنا من من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله ولا سيما إذا كان من محصنة، لكن مهما عظم الذنب، فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه، أنه يقبل التوبة، بل ويفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، فإذا صدقت في التوبة، فأبشري بقبولها، وعفو الله عنك.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب. فهذا هو كفارة معصيتك، ولا تلزمك كفارة بالصيام أو الإطعام؛ وانظري الفتوى رقم: 22197
واعلمي أن من صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، و يقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر. فاحذري من التهاون في التعامل مع الرجال الأجانب، واشغلي وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، واحذري من الوقوع فيما سمى بالعادة السرية؛ وراجعي في حكمها وكيفية التخلص منها الفتوى رقم: 7170
وإذا تقدم إليك من ترضين دينه وخلقه، فلا تترددي في قبوله زوجا؛ فإن الزواج يجب على من يخشى على نفسه الوقوع في الحرام رجلا كان أو امرأة.
قال البهوتي ( الحنبلي): وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا، وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا, مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَنْ الْحَرَامِ, وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ.
وقال المرداوي -عند الكلام على أقسام النكاح-: حيث قلنا بالوجوب، فإن المرأة كالرجل في ذلك.
والله أعلم.