عنوان الفتوى : يجتمعون في يوم كل عام ، ويذبحون ذبيحة ، على اسم أحد الصالحين ؟!
في بلدتي يقوم الناس كل عام في يوم محدد يسمونه على اسم أحد الأولياء بذبح ناقة يجمعون ثمنها من أهل البلدة برضاهم ، ومن ليس معه مال فلا حرج عليه ، ويقومون بذبحها ويفرقون لحمها على جميع أهل البلدة ، الغني والفقير ، الجميع صدقة للجميع ، واعتاد الناس في هذا اليوم من أيسر عليه الله أن يطبخ الطعام ويأخذه لمكان متعارف عليه ، حيث يجتمع الصغير والكبير ويأكلون من هذا الطعام ، هم يذكرون اسم الله على هذه الذبيحة ، ولكن الناس أصبحت في شك : هل هذا حلال أم حرام ؟ باعتباره يكون في يوم محدد كل سنة ، وباعتباره يسمى الموسم على اسم احد الأولياء .
الحمد لله
أولا :
" سُمِّيَ العِيدُ عِيدًا لأَنه يَعُودُ كُلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ مُجَدَّد " .
انتهى من "لسان العرب" (3/ 319) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد ، عائد: إما بعود السنة ، أو
بعود الأسبوع ، أو الشهر، أو نحو ذلك " .
انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 496) .
ثانيا :
ليس في الإسلام إلا عيدان : عيد الفطر وعيد الأضحى ، وما عدا ذلك من الأعياد أعياد
محدثة مبتدعة ، لا يجوز الاحتفال بها .
فتحديد يوم غير يومي العيد ، يجتمع الناس فيه ، فيحتفلون به ويأكلون الطعام
ويفرقونه على الناس أمر منكر لا يجوز ، لأن هذا هو معنى العيد ، وقد سبق أن العيد
في الإسلام محصور في يومين ؛ فإذا اجتمع مع ذلك الذبح لغير الله كان شركا.
روى مسلم في صحيحه (1978) من
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ ) .
وروى أبو داود (3313) عن ثَابِت بْن الضَّحَّاكِ رضي الله عنه ، قَالَ: " نَذَرَ
رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ
أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ ؟ ) قَالُوا: لَا، قَالَ: ( هَلْ كَانَ فِيهَا
عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ ؟ ) ، قَالُوا: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي
مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ ) .
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
قال علماء اللجنة :
" ... فدل ما ذكر على لعن من ذبح لغير الله وعلى تحريم الذبح في مكان يعظم فيه غير
الله من وثن أو قبر أو مكان فيه اجتماع لأهل الجاهلية اعتادوه وإن قصد بذلك وجه
الله " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/ 397-398) .
ثالثا :
إذا قصد بالذبح تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه : فهذا الذبح لا يكون إلا
لله تعالى ، فصرفه لغير الله شرك أكبر .
انظر جواب السؤال رقم : (44730) .
فالذبح لغير الله شرك ، وحكم الذبيحة حكم الميتة ، لا يجوز أكلها ، ولو ذكر اسم
الله عليها .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
" لو ذبح لغير الله متقربا به إليه : حرم ، وإن قال فيه بسم الله ؛ كما يفعله طائفة
من منافقي هذه الأمة الذين يتقربون إلى الأولياء والكواكب بالذبح والبخور ونحو ذلك
" انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (260) .
وقال علماء اللجنة :
" الذبح والنذر للولي شرك أكبر ؛ لأن كلا منهما عبادة لله وحده وحق من حقوقه التي
اختص بها جل وعلا فلا يجوز صرفها لغيره " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/ 497) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" التقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر ، كونه يذبح عند قبره أو في غير قبره ،
حتى ولو في مكان بعيد ، ولو ببيت الإنسان ، كونه يذبح ينوي الولي ، فلانا أو فلانا
، هذا شرك أكبر ، مثل لو صلى له وسجد له فهو شرك ، فهكذا إذا ذبح له ، أو دعاه أو
استغاث به أو نذر له " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (2/ 68) .
فعلى ما تقدم :
هذا الذبح الذي يذبحه هؤلاء الناس كل عام باسم هذا الولي من الشرك الأكبر ، فلا
يجوز مشاركتهم في ذلك ، بجمع مال أو التبرع به أو دعوة الناس إلى التبرع أو طبخ هذا
اللحم أو الأكل منه أو غير ذلك من وجوه المشاركة والإعانة .
وانظر جواب السؤال رقم : (1024) ، (127965)
، (136340) .
والله تعالى أعلم .