عنوان الفتوى : قضاء الوقت في البحث عن تعبير الرؤيا أفضل أم الاشتغال بعبادة؟
إذا رأى الإنسان رؤيا، فهل من الأفضل أن يفسرها؟ لأنني أحيانا أرى أكثر من رؤيا في نفس الليلة، وعندما أستيقظ أبدأ بالبحث في المواقع كاليوتيوب وغيره عن تفسيرها، وهذا يأخذ في بعض الأحيان أكثر من ساعة، أليس من الأفضل مثلا أن أقرأ القرآن في هذه الساعة؟ أم من الأدب مع الله البحث عن تفسيرها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى عدم البحث عن تعبير الرؤيا والاشتغال بما تيسر من صلاة النفل ومن التعلم والتلاوة للقرآن، بل لا ينبغي البحث في النت، لأنك قد لاتجد من يوثق به في تعبيرها، وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا لثلاثة أضرب وأرشد للتعامل مع كل بحسبه وهي:
الرؤيا الصالحة: وهي ما يراه الشخص الصالح في منامه من المبشرات، وهي من إكرام الله لعباده الصالحين.
وحديث النفس: فقد ينام الإنسان وهو مهتم بشيء ما فيرى حلما في النوم في شأنه.
ولعب الشيطان بالانسان ليحزنه ويشوش عليه.
ففي حديث البخاري: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. وفي رواية مسلم: لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة. وفي الصحيحين أيضا: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان.
وفي الحديث: الرؤيا ثلاث: فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويف من الشيطان، فإذا رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقص إن شاء، وإن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد، وليقم يصلي. رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وصححه الألباني.
وروى ابن ماجه عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. وصححه الألباني أيضا.
قال المناوي في فيض القدير: الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم ـ ولا حقيقة لها في نفس الأمر، ومنها: ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه ـ قال القرطبي: ويدخل فيه ما يلازمه في يقظته من الأعمال والعلوم والأقوال وما يقوله الأطباء من أن الرؤيا من خلط غالب على الرائي ـ ومنها: جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ـ قال الحكيم: أصل الرؤيا حق جاء من عند الحق المبين يخبرنا عن أنباء الغيب، وهي بشارة، أو نذارة، أو معاينة، وكانت عامة أمور الأولين بها ثم ضعفت في هذه الأمة لعظيم ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي، ولما فيها من التصديق وأهل الإلهام واليقين، فاستغنوا بها عن الرؤيا، والمؤمن محسود ولع به الشيطان لشدة عداوته، فهو يكبده ويحزنه من كل وجه ويلبس عليه، فإذا رأى رؤيا صادقة خلطها ليفسد عليه بشراه أو نذارته أو معاينته ونفسه دون الشيطان فيلبس عليه بما اهتم به في يقظته، فهذان الصنفان ليسا من أنباء الغيب، والصنف الثالث هي الرؤيا الصادقة التي هي من أجزاء النبوة. اهـ.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: تفسير الأحلام سواء كان بتعطير الأنام ـ كما ذكرت ـ وإن كنت لم أر هذا الكتاب أم بغيره، لا ينبغي للإنسان أن يتعب نفسه فيها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانا فيها حكماً فاصلاً مريحاً، وذلك أن الإنسان إذا رأى ما يكره يتقي شره بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن شر ما رأى، وبالتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن لا يخبر بذلك أحداً، وأن ينقلب من الجنب الذي كان عليه حين رأى ما يكره إلى الجنب الثاني، وأن يقوم ويتوضأ ويصلي، فبهذه الأسباب يتقي شر هذه الرؤيا التي روعته، وهذا الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يريح المرء عندما يرى ما يكره، أما إذا رأى ما يحب واستبشر بها خيراً، فإنه لا بأس أن يخبر بها من يحب أيضاً، ولا يحدث بها من لا يحب لأنه إذا حدث بها من لا يحب فقد يكيدون له كيداً. انتهى.
والله أعلم.