عنوان الفتوى : تريد الدخول في الإسلام وهي في فترة النفاس ؛ فكيف تحتسب عدتها؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تريد سيدة غير مسلمة أن تعتنق الإسلام ، وهي متزوجة من غير مسلم ولكنها في فترة نفاسها، فلو اعتنقت الإسلام في تلك الفترة : هل عليها عدة ؟ ولو وجب عليها العدة فمتي تكون؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله
أولا :
الواجب على هذه السيدة أن تسارع إلى الدخول في الإسلام دين الحق ودين الفطرة الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده , ومن يبتغ غيره دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين , والحمد لله الذي شرح صدرها للإسلام فهذه أعظم النعم على الإطلاق , ونسأل الله تعالى لها الثبات والنجاة من الفتن.
ثانيا :
وأما عن علاقتها بزوجها غير المسلم فإنها بمجرد إسلامها : يجب عليها أن تمتنع منه في الفراش بل وتفارقه في المسكن وتتربص مدة العدة .
وجمهور العلماء على أنها تعتد ، كالمطلقة ؛ فإن كانت من أولات الأحمال : اعتدت بوضع حملها ، وإن لم تكن حاملا : فعدتها ثلاثة قروء لذوات الحيض , وثلاثة شهور لمن يئسن من المحيض .
قال القرافي رحمه الله :
" وَاخْتُلِفَ فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَتْ دُونَهُ فَثَلَاثُ حِيَضٍ " انتهى من "الذخيرة" (4/330) .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن تعتد بحيضة واحدة، لأن فرقتها فرقة فسخ وليست فرقة طلاق.
ومذهب الجمهور أحوط .
وينظر : "أحكام أهل الذمة" لابن القيم (1/317) وما بعدها ، "الموسوعة الفقهية" (29/335) ، " إسلام أحد الزوجين" (159) وما بعدها .
وينظر أيضا : جواب السؤال رقم (12667) .
والظاهر أن هذه المرأة من ذوات الحيض لقرب عهدها بنفاس , لذا فإن عدتها ثلاث حيضات كاملة تبدأ من وقت دخولها في الإسلام , مع الانتباه إلى أن مدة نفاسها ليست من جملة العدة في شيء ؛ فإن النفاس لا مدخل له في "العدة" ، بل عليها أن تنتظر حتى ينقضي نفاسها ، ثم يأتيها الحيض وتطهر ، ثم يأتيها وتطهر ، ثم يأتيها وتطهر ، فتكون قد حاضت ثلاث حيض ، وانقضت عدتها ، سواء طالت المدة بين الحيضات أم لم تطل .
قال الحجاوي ، رحمه الله في "زاد المستقنع" :
"وهو كالْحيض فيما يَحِلُّ، ويَحْرُمُ، ويَجِبُ، ويَسْقُطُ، غَيْرَ العِدَّة "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ك
" يعني أن النِّفاس يفارق الحيض في العدَّة.
فالحيضُ يُحْسَبُ من العِدَّة، والنِّفاس لا يُحْسَبُ من العدَّة.
مثاله: إِذا طلَّق امرأته، فإِنها تعتدُّ بثلاث حِيَضٍ، وكلُّ حيضةٍ تحسبُ من العدَّةِ.
والنِّفاس لا يُحسب؛ لأنه إِذا طلَّقها قبلَ الوضعِ انتهتِ العدَّةُ بالوضع، وإِن طلَّقها بعده انتظرتْ ثلاث حيض، فالنِّفاسُ لا دخلَ له في العِدَّة إِطلاقاً " انتهى من "الشرح الممتع" (1/516) .
على أن الحيضة التي وقعت فيها الفرقة ، لا تحسب من العدة أيضا .
وينظر : "الشرح الكبير" (9/99-100) ، "الإنصاف" (9/279) .
ثالثا :
يجب عليها أن تتربص فترة عدتها ؛ فإن أسلم زوجها في هذه المدة فهما على زواجهما ، دون حاجة لتجديد النكاح.
وإن لم يسلم زوجها في هذه المدة ، وانتهت العدة ، فقد اختلف الفقهاء في ذلك :
فمنهم من يقول ينفسخ نكاحهما بانتهاء فترة العدة وتبين المرأة من زوجها .
والصواب أنهما إن اتفقا على الرجوع إلى بعضهما البعض بالعقد الأول ، ولم تكن المرأة قد تزوجت بغيره : فإن ذلك جائز ، ولا يحتاجان إلى عقد جديد .
قال ابن القيم رحمه الله : " الذي دلَّ عليه حُكمُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النكاح موقوف ، فإن أسلم قبلَ انقضاء عِدتها فهي زوجتُه ، وإن انقضت عدتها فلها أن تنكِحَ من شاءت ، وإن أحبَّت انتظرته ، فإن أسلم كانَتْ زوجته مِن غير حاجة إلى تجديد نكاح " انتهى من"زاد المعاد" (5 /137).
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين - رحمهما الله - واستدلوا بما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد زينب ابنته على زوجها أبي العاص بنكاحها الأول .
رواه الترمذي (1143) وأبو داود (2240) وابن ماجة (2019) ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وكان إسلامه بعد نزول آيات سورة الممتحنة ، وهي التي فيها تحريم المسلمات على المشركين بسنتين ، والظاهر انقضاء عدتها في هذه المدة . ومع ذلك ردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه بالنكاح الأول .
ويراجع للفائدة الفتوى رقم: (21690).
والله أعلم.