عنوان الفتوى : بيان أن الذاكر لله تعالى مأجور على كل حال
ما حكم عدم الخشوع أو عدم تدبر الأذكار، فمثلا: أن يردد العبد سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أو أستغفر الله، أو اللهم صل وسلم وبارك على رسول الله، وهو سرحان أو يفكر في شيء آخر؟ وهل يؤجر على ما قال، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا ينظر إلى دعاء من قلب لاه؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للذاكر أن يتدبر الذكر ويستشعر عظمة الله عند ذكره، ليشتغل القلب واللسان بالذكر ويكمل الأجر، وإن مر بلسانه على الذكر دون تدبر أجر على حركة اللسان، جاء في فتح الباري لابن حجر: قال الغزالي: حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب، لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة، بل هو خير من السكوت مطلقاً، أي المجرد عن التفكر، قال: وإنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب.
وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين: لا ريب أن تدبر الذاكر لمعاني ما يذكر به أكمل، لأنه بذلك يكون في حكم المخاطِب والمناجي، لكن وإن كان أجر هذا أتم وأوفى لا ينافي ثبوت ما ورد الوعد به من ثواب الأذكار لمن جاء بها، فإنه أعم من أن يأتي بها متدبراً لمعانيها متعقلاً لما يراد منها أو لا، ولم يرد تقييد ما وعد به من ثوابها بالتدبر والتفهم. انتهى
وعلى ذلك فإن الذاكر لله تعالى مأجور على كل حال؛ لكن أجره متفاوت بحسب تدبره للذكر وعدم تدبره.
وأما الحديث المشار إليه: فهو في إجابة الدعاء ولفظه كما في سنن الترمذي: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وإجابة الدعاء كما قال القرطبي في التفسير: لا بدّ لها من شروط في الداعي وفي الدعاء وفي الشيء المدعو به، فمن شَرْط الداعي أن يكون عالماً بأن لا قادر على حاجته إلا الله، وأن الوسائط في قبضته ومسخّرة بتسخيره، وأن يدعو بنيّة صادقة وحضور قلب، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلبِ غافلٍ لاهٍ.
والله أعلم.