عنوان الفتوى : المبادرة بالإقامة بعد الأذان مباشرة مخالف للسنة
يوجد لدينا في الحي مسجد يصلي بعد الأذان مباشرة مهملاً السنة الراتبة، فهل في ذلك شيء؟ ويتوافد المصلون على هذا المسجد جماعة تلو جماعة... إلى أن ينتهي وقت الصلاة، وبعض الإخوة يؤخر الصلاة ويصلي في الجماعات المتأخرة ـ وقت الصلاة لم يخرج ـ فهل في ذلك شيء؟ وإذا كان هناك مسجد آخر أقرب له من هذا المسجد، فهل له أن يصلي في المسجد البعيد، لأنه يخرج من الصلاة باكراً؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالمبادرة بإقامة الصلاة بعد الأذان مباشرة فيها مخالفة للسنة التي جاءت بالانتظار قليلا ليتهيأ الناس للصلاة بالوضوء وأداء السنة, ففي سنن الترمذي من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ: يَا بِلَالُ إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ فِي أَذَانِكَ، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ، وَاجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ، وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ إِذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ. وفي الصحيحين: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ.
أي بين الأذان والإقامة, كما أن المبادرة بالإقامة بعد الأذان مباشرة ربما يضيع بها المعنى الذي شرع له الأذان, قال الصنعاني في سبل السلام: الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لَهُ الْأَذَانُ، فَإِنَّهُ نِدَاءٌ لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ لِيَحْضُرُوا لِلصَّلَاةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ وَقْتٍ يَتَّسِعُ لِلذَّهَابِ لِلصَّلَاةِ وَحُضُورِهَا، وَإِلَّا لَضَاعَتْ فَائِدَةُ النِّدَاءِ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ: بَابُ كَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. اهـ.
فما يفعله إمام ذلك المسجد من الإسراع بالإقامة مخالف للسنة، وأيضا سبب في تعدد الجماعة في المسجد، لكونه لا ينتظر قدوم المصلين فينبغي نصحه برفق وحكمة، فإن أصر على فعله، فإن الصلاة مع الجماعة الأولى أولى من الصلاة مع الجماعات التالية، لأن تكرار الجماعة في المسجد الواحد مكروه، في قول كثير من الفقهاء، كما بيناه في الفتوى رقم: 16055
ثم إن وُجِدَ مسجد ينتظر بين الأذان والإقامة فالصلاة في ذلك المسجد أولى.
والله أعلم.