عنوان الفتوى : إذا قال لأمر ما فعله صاحبه : "يسَّرْته" ؛ هل يعد شركا ؟
ساعدني أحد الأشخاص في إنجاز معاملتي في إحدى الدوائر الحكومية ، وقلت له لقد : يسرتها ؛ فهل كلمتي هذه تعتبر شركا ؟
الحمد لله
أولا :
لا شك أن إعانة المسلم أخاه المسلم في أمره ، وسعيه له في قضاء حاجته : من كريم
الأخلاق ومحاسن الصفات ، ومن فعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد وقع أجره على الله .
ثانيا :
إنما تُقضى الحاجات بالله : بإعانته وتوفيقه وتقديره وتسخيره أهل الخير من أصحاب
الشفاعات الحسنة وغيرهم .
وإذا كانت مقاليد الأمور بيد الله جل جلاله ، وهو سبحانه : خالق كل شيء ، وربه
ومليكه ، ومصرفه ومدبره ، ورازقه ، ومعطيه أو مانعه ؛ فإن ذلك كله : لا يمنع نسبة
التيسير وقضاء الحاجات إلى من أجرى الله ذلك على يديه، وجعله سببا فيه .
روى مسلم (2699) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ
نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ
كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ
اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) .
فنسب التنفيس والتيسير إلى العبد ، مع أنه سبحانه هو الذي قدر ذلك برحمته .
قال المناوي رحمه الله :
" (من يسر على معسر) : بإبراء أو هبة أو صدقة أو نظرة إلى ميسرة وإعانة بنحو شفاعة
، أو إفتاء يخلصه من ضائقة (يسر الله عليه) مطالبه وأموره (في الدنيا والآخرة) "
انتهى من "فيض القدير" (6/ 243) .
وروى البخاري (3038) ، ومسلم (1733) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى اليَمَنِ قَالَ : ( يَسِّرَا وَلاَ
تُعَسِّرَا ، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا ، وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا ) .
وروى أبو داود (380) والترمذي (147) وغيرهما ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ
تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ) صححه الألباني.
فمن نسب تيسير أمر أو قضاء
حاجة إلى العبد على أنه مجرد سبب قدره الله برحمته لقضائها وتيسيرها : فلا حرج عليه
في ذلك .
ومن نسب ذلك إليه على أنه لولاه بذاته ما قضيت الحاجة ، ولا تيسرت المعاملة ، ولم
ينسب الفضل لله : فهذا لا يجوز ، وهو من الشرك .
راجع للفائدة جواب السؤال
رقم : (48980) ، (194533)
، (118262) .
والله تعالى أعلم .