عنوان الفتوى : متى يحق للمرأة طلب الخلع
تقدمت زوجتي للمحكمة بطلب فسخ عقد النكاح بعد زواج دام 12 عاما ونتج عنه 4 أطفال ولم تستطع أن تثبت ما يطعن في ديني أو خلقي وقد خرجت من بيت الزوجية وتركت الأطفال منذ سنة وأنا لا أرغب في طلاقها لعدم وجود سبب يجعلها تترك البيت سوى رغبة والدتها بذلك طمعا في مرتبها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكما أن الله تعالى أعطى الرجل الحقّ في الطلاق إذا كره المرأة واستحالت الحياة بينهما، فكذلك أعطى المرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه حق طلب الاختلاع والافتداء منه بمال تعرضه عليه، لقول الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة:229].
وفي الحديث: أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم عليه من خلق ولا دين، إلا أني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقته؟" فقالت: نعم، فردتها عليه، وأمره ففارقها.
وفي رواية، فقال له: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقه" رواه البخاري.
يقول الإمام ابن قدامة: إن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها. المغني 7/51.
ويقول ابن كثير: إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل، وأبغضته، ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها. تفسير ابن كثير 1/272.
ونخلص إلى أن طلب المرأة الخلع من زوجها حق شرعي لها، وأن استجابة الزوج لهذا الطلب أمر مطلوب شرعاً إذا رأى منها الصدق في طلب ذلك، وأن لها عذراً شرعياً، لأن طلبها في هذه الحالة دليل على كراهيتها له، وقد صرّح العلماء باستحباب ذلك من الزوج، فقال البهوتي في كشاف القناع 3/1206: ويسن له إجابتها أي إجابة طلب زوجته المخالعة، لحديث امرأة ثابت بن قيس .