عنوان الفتوى : الخيارات الثنائية: حقيقتها، حكمها
عندي سؤال حول الخيارات الثنائية: قرأت الفتوى رقم: 188587، وتم الإجابة بأنها محرمة وذكر تحريمها في الفتوى رقم: 167993، ولكن الشيء الوحيد المشترك في هذه الفتوى والخيارات الثنائية هي كلمة الدكتور: سامي السويلم: خيارات الأسهم المتداولة في الأسواق العالمية، سواء كانت خيارات شراء ـ call options ـ أو خيارات بيع ـ put options ـ هي من عقود الغرر المنهي عنها شرعاً ـ والخيارات الثنائية ليس بها عقود ولا يوجد بها أطراف وكل شخص يعمل في نطاق نفسه كما أن فائدة الربح متغيرة والخسارة ليست بنسبة 100% كما في البورصة، وقال الأزهر إن المتاجرة في البورصة في السوق المالية أو السلعة غير المحرمة حلال والخيارات الثنائية تعمل على نفس النمط لكن نسبة الخسارة فيها أقل من 50 بالمئة وتوجد دورات من المحترفين لتقليل نسبة الخسارة حتى تصبح منعدمة وأيضا الخيارات الثنائية لا تعتمد على الحظ عكس البورصة، أرجو التوضيح للأهمية وجزاكم الله عني كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخيار الثنائي قائم على الغرر ويعتمد على الحظ والمخاطرة والقمار، وكلام العلماء في حكم الخيارات يشمله سواء في كلام الدكتور سامي السويلم أو غيره. وقد نص على تحريمه الدكتور علي السالوس، وكذالك الدكتور علي القره داغي فقد عمم الحكم على سائر الخيارات حيث يقول في موسوعته في الاقتصاد الإسلامي بعد أن ذكر كافة أنواع الخيارات: ما ذكرناه هو ملخص في غاية الإيجاز عن التعريف بالاختيارات وأنواعها، ولكنه يعطينا صورة واضحة من أن الفكرة الرئيسية التي تدور حولها أسواق المال ـ البورصة ـ هي تحقيق الأرباح سواء كانت على حساب الغير، أم عن طريق الحظ والمجازفة والمقامرة أم لا، فلم تنشأ هذه الأسواق نشأة إسلامية ولا أخلاقية، وإنما هي من نتاج الأفكار المالية الحرة التي لا تفكر إلا بكيفية تحصيل المال عن أي طريق كان......... وبناء على ما سبق فإن الاختيارات بصورتها الحالية لا ينطبق عليها ما هو مطلوب شرعا من وجود المعقود عليه وجودا حقيقيا أو موصوفا في الذمة.
وقال أيضا: والخلاصة: أن الاختيارات بصورها الحالية في البورصات لا نجد لها مبررًا شرعيًّا، ولا تأصيلاً فقهيًّا، بل تصطدم بكثير من قواعد الشرع من حيث وجود المعقود عليه وجودًا حقيقيًّا، أو في الذمة، ومن حيث تسليم واحد من الثمن أو المثمن ـ كما سبق ـ فهي في الحقيقة وسيلة من الوسائل التي تجذب بها السوق عملاءها من خلال الاعتماد على الحظ والمخاطرة والقمار، وذلك لأن المستثمر قد تكون نيته انتهاز فرصة سانحة له في نظره وتوقعه لحال السوق في المستقبل فيشتري حق الحصول على الأسهم، أو العملة، أو نحوهما، فقد يتحقق ما كان يصبو إليه فيربح ربحًا كثيرًا، وقد لا يتحقق فيخسر خسارة كبيرة، وقد تكون نية المستثمر حماية نفسه من خسارة متوقعة عن طريق إلقاء المخاطرة على طرف آخر وإلزامه بالشراء عند حصول الضرر بثمن يحميه من الخسارة التي نتجت عن انخفاض الأسعار، لذلك فالاختيارات لا تعتبر من العقود الصحيحة، بل هي باطلة في نظرنا، لعدم وجود مال مخصوص معقودًا عليه. جاء في البيان الختامي لندوة الأسواق المالية: وواضح أن محل العقد هو التزام، أو تعهد مجرد... وسواء سمي التزامًا شخصيًّا يترتب عليه حق شخصي، أو قلنا: إنه حق مال كالدين فإنه لا يجوز العوض عنه، فمحل العقد أو الالتزام تعهد أو التزام من طرف يبيع، أو يشتري، وثمن من الطرف الآخر... وليس محل العقد ـ الشيء المبيع ـ هو الأوراق المالية التي تعهد أحد العاقدين بشرائها أو بيعها، وليس هناك عقد إيجاب وقبول في وقت العقد على البيع أو الشراء، وعلى فرض أن هناك عقدًا على هذا المحل فهو بيع ـ عقد تمليك ـ معلق على شرط... مضاف إلى زمن مستقبل. اهـ
وجاء في قرارات وتوصيات ندوة البركة السابعة عشرة للاقتصاد الإسلامي ما يلي: حيث إن الاختيارات هو حق اختيار الشراء أو البيع لسلعة ما بشروط محددة لقاء عوض عن ذلك الحق وتقوم إدارة المتعاقدين على توقعات متضادة لتقلبات السعار، فإن الندوة انطلاقا من أن إرادة المتعاقد ومشيئته ليست محلا للعقد ولا للعوض عنها، تؤكد على قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 63ـ 1/7ـ الذي جاء فيه: إن عقود الاختيارات كما تجري اليوم في الأسواق المالية هي عقود مستحدثة لا تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة، وبما أن المعقود عليه ليس مالا ولا منفعة ولا حقا ماليا يجوز الاعتياض عنه فإنه عقد غير جائز شرعا، لأن فيه تأجيل البدلين، وهو ما يسمى بابتداء الدين بالدين، المجمع على منعه، ولأن فيه بيع الإنسان مالا يملك على غير وجه السلم، وهو ممنوع أيضا باتفاق الفقهاء، وبما أن هذه العقود لا تجوز ابتداء فلا يجوز تداولها.
والله أعلم.