عنوان الفتوى : مقاطعة المواقع المسيئة للمسلمين مرجعه للموازنة بين المصلحة والمفسدة
شيوخنا الكرام في إسلام ويب تعلمون أن شركة ـ جوجل ـ رفضت منع عرض الفيلم المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم على موقع ـ اليوتيوب ـ التابع لها، وقام المسلمون بإطلاق دعاوى لمقاطعة الموقعين لمدة يومين لإحداث خسائر مالية بالشركة، فأردت أن أسأل هل تجب مقاطعة الموقعين؟ وكما تعلمون فإن الموقعين فيهما أشياء مفيدة وأخرى سيئة، فهل مثلا إن شاهدت بعض المقاطع لكرة القدم على اليوتيوب أكون قد وقعت في الإثم، لأنني لم أنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل إذا شاهدت شيئا حراما آخذ إثمين الأول للمشاهدة والثاني لأنني لم أقم بواجب النصرة؟ وكنتم قد أفتيتم من قبل بجواز الاستفادة من الأموال التي تقدمها شركة جوجل لقاء الإعلانات التي يقوم الشخص بالسماح لها بالظهور على موقعه ـ جوجل ادسينس ـ إن كانت الإعلانات مباحة، فهل بعد هذا الموقف من جوجل تجاه الفيلم المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحرم الاستفادة من هذه الأمول؟ وهل يصل الأمر إلى الخروج من الملة في هذه الحالات؟ أرجو منكم الإجابة على كل أسئلتي، وجزاكم الله عن أمة الإسلام خير جزاء، وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم هذه المقاطعة راجع لتقدير المصالح والمفاسد والموازنة بينها، ولذلك قد يتغير الحكم من حال إلى حال، ومن زمان إلى زمان، ومن شخص إلى شخص، ومرد هذا التقدير إلى أهل العلم في كل عصر، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 136261.
وإذا كان الأخ السائل إنما يريد هذا الموقع لمشاهدة بعض مقاطع كرة القدم وما أشبه ذلك!! فالأمر في حقه ظاهر، إذ لا فائدة مرجوة ولا منفعة حقيقية في ذلك، مع وجود ما يُرجى من وراء المقاطعة من مصلحة أو درء مفسدة، فكان الذي ينبغي أن يعمل بالمقاطعة التي دعا إليها بعض المسلمين، ويتأكد هذا إذا غلب على الظن أنها تردع القائمين على الموقع وتحملهم على مراعاة عقائد المسلمين ومشاعرهم، فإنها حينئذ تكون واجبة، فإذا لم يقاطع المرء ليشاهد شيئا محرما، ففي ذلك زيادة إثمه وقبح معصيته!!
وأما الأموال المستفادة من التعامل مع البرنامج الإعلاني لهذه الشركة، فإنها لا تحرم في ذاتها على أية حال ما دامت الإعلانات نفسها مباحة، ويبقى النظر في جواز هذا التعامل في الحال المذكورة في السؤال، والتي سبق أن صدرنا الجواب بكونه تابعا لتقدير أهل العلم للمصالح والمفاسد والموازنة بينها، وأنه يختلف بحسب الأحوال والأشخاص، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 144647، ورقم: 180703.
وأما الحكم بالخروج من الملة في حق من لم يقاطع: فهذا لا وجه له ولا يصح، وراجع الفتوى رقم: 138223، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.