عنوان الفتوى : طلق زوجته وبعد الطلاق تنازلت عن حقوقها ثم ارتجعها دون رضاها فهل تصح الرجعة ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا متزوج منذ أربع سنين ، والحمد لله رزقت ببنتين ، وربنا يسر لي أن أتزوج بزوجة ثانية ، فالزوجة الأولى طلبت الطلاق ، وأهلها ما رضوا بالزواج وأصروا على أن أطلق ، ودخلت كل الوساطات ، ورفضوا ، ومنعونى من بناتي أن أتكلم معهما ، فقالوا لي : تأتي تأخذ بناتك ، وتطلق ، فأكرهوني إكراها شديدا على الطلاق ، فطلقتها طلقه ثانية ، وأعطيتها الورقة ، والمأذون سأل : دايره نفقة أو أى حقوق ؟ قالت : لا ما دايره ، وكتب فى ورقة الطلاق : وقد تنازلت الزوجة من نفقة عدة ومتعة وكل ما يخص الزوجة من حقوق . وبعد شهر من الطلاق : مشيت ليهم في البيت ومعي شاهدان ، وقلت ليها : أنتِ مرجوعة ومشيت . أبوها وأعمامها ما رضوا ، وقالوا : هم ما موافقين ، ولا المرأة موافقة ، والرجعة ما صحيحة ، لأن الطلاق هذا مشروط ، والشرط أن هي تنازلت عن حقوقها ، وهى نفقة العدة والمتعة المكتوبة في ورقة الطلاق . والسؤال : هل هذه الرجعة صحيحة ؟ وهل هنالك طلاق مشروط ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
فمجرد زواج الرجل من امرأة ثانية لا يبيح لزوجته الأولى طلب الطلاق , وقد بينا ذلك بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: (452).
أما بخصوص طلاقك لزوجتك : فإن كان هذا الطلاق قد وقع على الإبراء بمعنى أن الزوجة قد تنازلت لك عن حقوقها مقابل طلاقها : فهذا طلاق بائن , قال الخرشي المالكي " الطلاق البائن إنما يكون بلفظ الخلع , أو الإبراء , أو الافتداء , أو الطلاق إلا أنه مع الدراهم" انتهى باختصار من " شرح مختصر خليل للخرشي " (4 / 17).
وهو بهذا شبيه جدا بالخلع بل هو نوع منه عند بعض العلماء , قال ابن قدامة " الطلاق بعوض نوع من الخلع" انتهى من " الكافي في فقه الإمام أحمد " (3 / 100).
ومن أحكام الطلاق على عوض : أن الزوج لا يملك في العدة ارتجاع زوجته , جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (22 / 108) عند ذكر شروط الرجعة " الشرط الخامس : ألا يكون الطلاق بعوض ، فإن كان الطلاق بعوض فلا تصح الرجعة ؛ لأن الطلاق حينئذ بائن ، لافتداء المرأة نفسها من الزوج بما قدمته له من عوض مالي ينهي هذه العلاقة مثل الخلع والطلاق على مال" انتهى.
لكن إن كان الطلاق قد وقع بدون عوض , ثم إن الزوجة قد تنازلت لك عن حقوقها بعد وقوع الطلاق , فهذا طلاق رجعي تملك فيه ارتجاع زوجتك ما دامت في العدة , ولا يشترط في صحة الرجعة موافقة الزوجة ولا وليها ؛ قال تعالى : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا )البقرة/228 .
قال القرطبي رحمه الله : " وأجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة ، وكانت مدخولا بها ، تطليقة أو تطليقتين : أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها ، وإن كرهت المرأة ، فإن لم يراجعها المطلق حتى انقضت عدتها فهي أحق بنفسها ، وتصير أجنبية منه ، لا تحل له إلا بخطبة ونكاح مستأنف بولي وإشهاد، ليس على سنة المراجعة ، وهذا إجماع من العلماء " انتهى من " تفسير القرطبي " (3 / 120).
من هنا تعلم – أيها السائل – حكم رجعتك : فإن كانت قد تنازلت لك عن حقوقها ، مقابل طلاقها : فارتجاعك لزوجتك غير صحيح ، وإن كان قد وقع بدون شرط العوض ( مقابل مالي ، أو تنازل عن حقوقها ) ، كما يظهر لنا من سؤالك ، لكنها تنازلت عن حقوقها بعد وقوع الطلاق : فارتجاعك لها حينئذ يكون صحيحا ، ما دامت عدتها لم تنقض.
فإن حصل نزاع بينكم في صورة الحال ، وما الذي كان عليه الأمر في الواقع ، فننصحكم بأن تحكموا بينكم بعض أهل العلم والدين في بلدكم ، ويحضر الطرفان ، وتقصون عليه ما حصل منكما .
يسر الله لكم ، ووفقكم لما يحب ويرضى .
والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...