عنوان الفتوى : تتوق للزواج ولا تجده.. الحلول الممكنة

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاماً، أعيش مع أمي، وأختي المطلقة، وابنتها البالغة من العمر 4 سنوات، وأختي لا تريد الزواج مرة أخرى بتاتاً وهي كرهت الزواج كما تقول. وأنا كأي فتاة أتمنى أن أتزوج رجلا صالحا، وأدعو الله كثيراً، ولكن الحمد لله على كل حال لم يحن الوقت بعد. وحينما يأتي موضوع عن الزواج ونتحدث عنه أحياناً أمي تدعو لي بأن يرزقني الله زوجاً صالحاً، ويسعدني معه، وأختي تقول لأمي لا تجعليها تعيش بالأحلام ووو .. وأنا بصراحة أتحطم من كلامها. ومرة قالت لي أنت ستتزوجين في عمر يقارب الثلاثين، وتحطمت من كلامها. المهم حينما يأتي موضوع الزواج غالباً تذكر مساوئ الزواج. وحينما تتحدث عن ابنتها وأنها تتمنى أن تربيها حتى تكبر وتزوجها رجلا صالحا. أستغرب لماذا ترضى لبنتها الزواج وتكرهه لي! أصبحت أتحاشى أن أتحدث في هذه المواضيع أمامها. أنا الحمد لله منّ الله عليّ بكثير من الأشياء التي يتمناها الرجل في الزوجة الصالحة، الجميلة. ولكن نحن في منطقة لا نعرف أناسا كثيرين، ولا أحب أن أحضر الأعراس التي تحدث فيها المنكرات إلا لو كانت لأقرباء لنا. أصبحت أقل ثقة بنفسي، أرى البنات يخطبن وأنا لا أحد يعيرني اهتماما. حينما كنت طفلة كنت أميل لابن خالتي لأني كنت أرى فيه التزاماً وتديناً، ولكني لم أبح بما في قلبي لأي أحد. ولما كبرنا تقدم لي ابن خالتي ولكن الموضوع كان كلاما وليس رسميا. وأبي أخبرهم أنه لن يعقد لي على أحد غيره، حتى إنه تقدم لي شخص عن طريق الجيران، وأمي أخبرتهم أن ابن خالتي متقدم لي. وبعد ما أخبرهم أبي بذلك أنه لن يعقد لي على سواه، بدأت أغضب على نفسي وكأنني لا قيمة لي، وهم حتى لم يكلفوا أنفسهم التقدم لي وخطبتي وجعلوا الموضوع هكذا. وفجأة وبعد سنتين سمعنا أن ابن خالتي خطب أخرى دون حتى أن يقدموا لنا اعتذارا، بكيت على نفسي كثيراً. ليس حزناً على فقدانه ولكن قهراً على نفسي؛ لأني شعرت أن أبي قلل من قيمتي عندهم. هو الآن تزوج، وأنا الحمد لله لست متعلقة به، وأحمد الله أنه لم يكن من نصيبي لأني أعلم أن الله سيعوضني خيرا، لكني أحياناً أشعر أني فقدت الثقة بنفسي، وأنه لا أحد يريد التقدم لي، وكلام أختي يؤلمني. فبماذا أرد عليها؟ أنا لا أريد أن أخسر أختي، ولا أريد أن أجرح مشاعرها، ربما قد تكون تعقدت هي من الزواج لكن ما ذنبي أنا ؟؟أنا أريد الحلال. وأتمنى أن يكون لي أبناء أربيهم تربية صالحة. وجزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد حث الإسلام المسلمين على الزواج، ورغب فيه أشد الترغيب، لما يترتب عليه من مصالح الدنيا والآخرة.

قال البهوتي الحنبلي في حاشية الروض المربع عند قول الحجاوي في زاد المستقنع: "وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة": لاشتماله على مصالح كثيرة كتحصين فرجه وفرج زوجته، والقيام بها، وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك. اهـ.

والإعراض عن الزواج بالكلية إن كان لغير عذر مقبول شرعا فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. هذا مع العلم بأن الزواج قد يكون واجبا كما في حال من يخشى على نفسه الفتنة بتركه. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 20304 - 62986 - 195251. فإذا كانت أختك على ما ذكرت من الرغبة عن الزواج، فينبغي أن تنصح برفق ولين في ضوء ما ذكرنا من نصوص وتوجيهات.

    وإذا كانت تتلفظ بمثل ما ذكرت عند ذكرك أمر الزواج فلا ينبغي لها ذلك، ولا شك في أن من الحكمة عدم إثارة هذا الموضوع عند وجودها. والأولى أن لا تردي عليها ولو أثارت هذا الموضوع من قبلها ابتداء، فربما دعاها سكوتك والإعراض عن التعليق على كلامها إلى تأنيب ضميرها وعدم إثارة هذا الموضوع بوجودك.

 واعلمي أن الزواج نوع من الرزق تدبيره عند رب العالمين، وسيأتيك ما كتب لك منه بإذن الله، فارفعي إليه يد الضراعة، وسليه أن يرزقك زوجا صالحا تسعدين به، فهو سبحانه قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة ولا يخيب من رجاه، قال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وراجعي آداب الدعاء بالفتوى رقم: 119608. ونوصيك بحسن الظن بالله وعدم اليأس أبدا. واحرصي على فعل ما يمكن من الأسباب بالاستعانة بالثقات من أقربائك أو صديقاتك للبحث عن الزوج الصالح، ولا حرج شرعا في أن تعرضي نفسك على الرجل الصالح بكل أدب وحشمة، وانظري الفتوى رقم: 18430. واحذري نزغات الشيطان ووساوسه وزرعه اليأس في نفسك، فإنه عدو الإنسان حريص على كل ما يهمه ويغمه ويدخل عليه النكد والحزن، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم. ولا تلتفتي إلى الوراء فيما يتعلق بعدم زواجك من ابن خالتك، أو التفكير في تصرف والدك وحمله على أي محمل سيء، فالغالب في الأب الحرص على مصلحة ابنته لا فعل ما يضرها.

والله أعلم.