عنوان الفتوى : ما يلزم من ضرب ولده فأصابه في عينه
ابني تطاول عليّ, فغضبت حتى لم أعد أعي ما أفعل, فأخذت بندقية الصيد وأطلقت عليه, وأصبته في عينه, ووقع له ضرر, وأريد أن أكفر عما فعلت, فماذا أصنع؟ وهل عليّ دية جرح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب إذا أراد تأديب ابنه أن يؤدبه بمثل ما ذكرت؛ فمجرد رفع السلاح على المسلم لا يجوز, فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أشار إلى أخيه بحديدة, فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يُشِير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار. متفق عليه.
وإذا كان الشرع قد أباح للآباء تأديب الأبناء؛ فإن ذلك مقيد بشروط, ومحكوم بضوابط, منها: أن يكون ذلك للتأديب لا الانتقام, ودون إسراف أو تعد، فإذا تجاوز ذلك إلى ما يؤدي إلى الإتلاف أثم الوالد وضمن؛ جاء في فقه السنة: ولا ضمان على الأب إذا أدب ولده، ولا على الزوج إذا أدب زوجته، ولا على الحاكم إذا أدب المحكوم بشرط ألا يسرف واحد منهم، ويزيد على ما يحصل به المقصود, فإذا أسرف واحد منهم في التأديب كان متعديًا، وضمن بسبب تعديه ما أتلفه. وانظر الفتوى: 14123.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره، وتدفع لولدك دية عينه مغلظة إذا كانت قد تلفت أو ذهب بصرها، ومقدار دية العين نصف دية النفس؛ لما رواه مالك في الموطأ مرفوعًا: "وفي العين خمسون" من الإبل.
ولا يقتص له منك على قول جمهور أهل العلم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يقاد الوالد بالولد رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وقال ابن رشد في بداية المجتهد: وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ, وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ: لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ, بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ أَوْجُهِ الْعَمْدِ، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
والله أعلم.