عنوان الفتوى : خلاف العلماء في توبة القاتل عمدا والراجح أن له توبة
ما جزاء من قتل عمدا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه : ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً )[النساء:93]وفي هذه الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن اقترف هذا الذنب العظيم الذي قرن بالشرك في غير ما آية من كتاب الله كما قال سبحانه: ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) [الفرقان: 68] وقال سبحانه: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) [الأنعام:151] وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء " وروى أبو داود عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال المؤمن معنقاً -ومعنى معنقاً : خفيف الظهر سريع السير-. صالحاً ما لم يصب دماً حراماً فإذا أصاب دماً حراماً بلّح" أي أعيا وأنقطع، وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق" فدلت هذه الآيات والأحاديث على عظم جرم مثل هذا الفعل وقد ذهب ابن عباس وزيد بن ثابت وأبو هريرة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة والضحاك والحسن إلى أنه لا توبة لقاتل العمد ولكن الصحيح أن له توبة وهو قول الجمهور لعموم قوله تعالى: ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [النساء: 48] وقد انعقد الإجماع على أن حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة فلأولياء المقتول أن يطالبوا بحقهم وهم مخيرون بين القصاص أو العفو أو أخذ الدية كما هو مقرر في كتب الأحكام والعلم عند الله.