عنوان الفتوى: هل للزوج أن يجامع امرأته ثم يجامع الثانية قبل أن يمس الماء؟
هل يصح للرجل أن يجامع زوجته الأولى ، ثم يذهب إلى الزوجة الثانية فيجامعها دون أن يغتسل من الجماع الأول ؟
الحمد لله
يجوز للرجل إذا جامع امرأته أن يأت الأخرى فيجامعها قبل أن يغتسل ؛ لما روته عائشة
رضي الله عنها قالت : ( كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا )
البخاري(267) .
وعن أنس رضي الله عنه قال : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسٍ : أَوَ كَانَ يُطِيقُهُ ؟
قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ ) البخاري(268) .
وعنه رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَانَ
يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ) رواه مسلم(309) .
وقد حكى الإجماع على جواز ذلك غير واحد من العلماء.
قال ابن بطال رحمه الله : " لم تختلف العلماء في جواز وطء جماعة نساء في غسل واحد
على ما جاء في حديث عائشة ، وأنس .. " انتهى من شرح "صحيح البخاري" لابن
بطال(1/381) .
هذا ، مع أن الأفضل أن يغتسل
بين الجماعين .
روى أحمد (22742) وأبو داود (219) عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ
عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ ، قَالَ قُلْتُ : لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا
تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ : ( هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ )
وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " مشكاة المصابيح " برقم (470) .
فإن تكاسل أو تعذر عليه
الغسل استحب له أن يتوضأ بينهما وضوءاً ؛ لما رواه مسلم (308) عن سعيد الخدري رضي
الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا
أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا
وُضُوءًا ) زاد الحاكم (1/254) : ( فإنه أنشط للعَوْد ) وصحح الزيادة الشيخ
الألباني في " صحيح الجامع " برقم (263).
قال الصنعاني رحمه الله : " فيه دلالة على شرعية الوضوء لمن أراد معاودة أهله ، وقد
ثبت أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم غشي نساءه ، ولم يحدث وضوءاً بين الفعلين ،
وثبت أنه اغتسل بعد غشيانه عند كل واحدة ، فالكل جائز " انتهى من "سبل
السلام"(1/89) .
فإن تكاسل أو تعذر عليه
الوضوء ، استحب له غسل فرجه وما لوثه ، ويتأكد ذلك إذا أراد معاودة جماع من لم
يجامعها ؛ لما رواه البخاري (290) ومسلم (306) : " ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ
الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ ).
وبوب الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه باب : " جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له
وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع "
قال النووي رحمه الله :
"حاصل الأحاديث كلها أنه يجوز للجنب أن ينام ويأكل ويشرب ويجامع قبل الاغتسال ،
وهذا مجمع عليه ، وفيها أنه يستحب أن يتوضأ ، ويغسل فرجه لهذه الأمور كلها ، ولا
سيما إذا أراد جماع من لم يجامعها ؛ فإنه يتأكد استحباب غسل ذكره .. " انتهى من "
شرح مسلم "(1/499) .
تنبيه:
تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم – : ( طاف على نسائه في ليلة واحدة بغسل واحد ) .
ليس في هذا الحديث دليل لمن كان تحته أكثر من واحدة ، أن يدخل عليهن ويجامعهن في
ليلة التي هو يومها ، إلا أن يكون ذلك عن رضا منهن .
قال النووي رحمه الله : " قد يقال : قد قال الفقهاء : أقل القسم ليلة لكل امرأة ،
فكيف طاف على الجميع في ليلة واحدة ؟
وجوابه من وجهين:
أحدهما: أن هذا كان برضاهن ، ولا خلاف في جوازه برضاهن كيف كان.
والثاني: أن القسم في حق النبي صلى الله عليه وسلم هل كان واجباً في الدوام ؟
فيه خلاف لأصحابنا ، قال أبو سعيد الإصطخري : لم يكن واجباً ، وإنما كان يقسم
بالسوية ، ويقرع بينهن تكرماً وتبرعاً لا وجوباً ، وقال الأكثرون : كان واجباً ،
فعلى قول الإصطخري لا إشكال . والله أعلم " انتهى من شرح مسلم.
والجواب الثالث: ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله حيث قال:
وهذا معناه في حين قدومه من سفر أو نحوه ، في وقت ليس لواحدة منهن يوم معين معلوم ،
فجمعن حينئذ ، ثم دار بالقسم عليهن بعد - والله أعلم - لأنهن كن حرائر وسنته عليه
السلام - فيهن العدل في القسم بينهن ، وألا يمس الواحدة في يوم الأخرى " .
انتهى من"الاستذكار"(1/263).
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |