عنوان الفتوى : حكم من سب الرسول دون قصد
حصل منذ أربع سنوات أن كنا ثلاثة وكنا نتناقش عن النساء فقامت واحدة منا وقالت إنه تم وصفهن بالقوارير على حسب سير الموضوع قبل هذه الجملة حيث كان مائلا لمناصرة حقوق المرأة، فقامت ثالثتنا وقالت من هذا وقامت بسبه؟ ولم تكن تعلم أنه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وعندما أخبرناها استغفرت وتضرعت إلى الله وبكت ولم تكن لتقلها لو كانت تدري, ومرت سنون وزادت ثالثتنا في العبادة والطاعة وأصبحت تقوم للفجر مع العلم أنها كانت ذات عبادة قبلها ولكنها على مر السنين أصبحت أكثر ونستمع إليها في الصلاة تبكي من خشية الله، وأصبح دينها عندها أغلى من أي شيء في حياتها، ولكن ياشيخ أخيرا قرأت الحكم وعلمت أن من فعل هذا يعتبر مرتدا، فما حكمها في هذه الحالة؟ وهل من الممكن أن يغفر لها الله؟ وهل تعتبر كافرة أو مرتدة؟ وهل عبادتها كل هذه السنين ضاعت؟ وهل يعقل أن إنسانا مسلما يحدث له ما حدث ويدخل النار؟ أرجوكم أفيدوني، فهذه ثالث مرة أراسلكم ولا حد يرد علي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم كفر أكبر مخرج من الملة ـ والعياذ بالله ـ كما بيناه في الفتويين رقم: 17316، ورقم: 77625.
وأما عن حال هذه المرأة: فمن الواضح أنها لم تقصد تنقص ولا سب الرسول صلى الله عليه وسلم ويدل لذلك نفورها من الأمر وانكسارها وبكاؤها واستغفارها منه لما علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل ما ذكر، وبناء عليه فلا تحصل الردة بما صدر منها دون قصد، لسب الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الردة التي يكفر بها المسلم هي شرح صدر الإنسان بالكفر، ويدل لذلك قول الله تعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:106}.
ومن دخل في الإيمان بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، وقد ذكر أهل العلم أيضا أن من فعل ما يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك كما قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا، إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتى والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي والحاكم. اهـ.
هذا وننبه إلى أن وصفهن بالقوارير ليس فيه امتهان لهن، وإنما فيه تنبيه على ضعفهن، كما قال ابن حجر في فتح الباري: والقوارير: جمع قارورة: وهي الزجاجة ـ سميت بذلك لاستقرار الشراب فيها، وقال الرامهرمزي: كنى عن النساء بالقوارير لرقتهن وضعفهن عن الحركة، والنساء يشبهن بالقوارير في الرقة واللطافة وضعف البنية. هـ.
والله أعلم.