عنوان الفتوى : التفصيل في مسألة الاستثناء في الإيمان
أحيانا أقوم بسؤالكم عن أشياء أفعلها أو أقولها هل تخرجني عن الملة أم لا؟ وهل أكون قد شككت في إسلامي فأكفر؟ هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤال الشخص عما إذا كان قد خرج من الملة أم لا بسبب أشياء فعلها أو قالها ليس مما يخرج عن الملة، ولا يعتبر من السائل شكا في الإسلام، وأما معنى كلام الشيخ ابن عثيمين فواضح، فقد جاء في رسائله ـ رحمه الله ـ إجابة على قول القائل: أنا مؤمن إن شاء الله؟ قال: قول القائل: أنا مؤمن إن شاء الله يسمى عند العلماء ـ مسألة الاستثناء في الإيمان ـ وفيه تفصيل:
أولاً: إن كان الاستثناء صادراً عن شك في وجود أصل الإيمان، فهذا محرم، بل كفر، لأن الإيمان جزم والشك ينافيه.
ثانياً: إن كان صادراً عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولاً وعملاً واعتقاداً، فهذا واجب خوفاً من هذا المحذور.
ثالثاً: إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله، فهذا جائز والتعليق على هذا الوجه ـ أعني بيان التعليل ـ لا ينافي تحقق المعلق فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة؛ كقوله تعالى: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون ـ والدعاء في زيارة القبور: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ـ وبهذا عرف أنه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء في الإيمان، بل لا بد من التفصيل السابق.
فهذا كلام واضح ولا يحتاج إلى شرح، لأن توضيح الواضح يزيده إشكالا ـ كما قيل ـ ولذلك، فإن مجرد سؤالك عن أشياء من الأفعال أو الأقوال يشكل عليك حكمها لا يخرجك من الملة، بل ينبغي لك أن تسأل عن كل ما يشكل عليك من أمر دينك، فقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
وكذلك ما ذكرت عن الشخص الذي صدر منه ما يظن أنه كفر، ثم تبين له أنه ليس بكفر، فإنه لا يكفر بجهله لحكم ما صدر منه، فهو لم يشك في أصل الإيمان، وإنما شك في حكم القول أو الفعل هل يكفر به أم لا، ولذلك فإننا نصحك بالإعراض عن هذه الهواجس والشكوك والأوهام فإنها قد تؤدي بك إلى وساوس الشيطان، وانظر الفتوى رقم: 162711.
نسأل الله تعالى لنا ولك الثبات.
والله أعلم.