عنوان الفتوى : ذكر مساوئ الشخص بقصد نصح الآخرين بعدم معاملته هل يعد من الغيبة
لدي استفسار بخصوص الغيبة، كما هو مذكور في السنة، فالغيبة ذكرك أخاك بما يكره في غيابه: أتساءل، إذا ذكرت فلانا بالسوء بما هو فيه من باب نصح المقربين بالابتعاد عنه، بمجرد قول: إنه إنسان غير صالح، أو مجرد النصح بالابتعادعنه، وذلك رمز لعدم صلاحه فهل هذا نوع من أنواع الغيبة؟ وبالأخص عند سؤالي عن فلان، وعندما أذكر ما قام به فلان بحقي من سوء، فهل يعد هذا من أنواع الغيبة؟ وأخيرا، نموذج نقد الآخر في غيابه، في النقاشات التي هي متفشية بالفعل في كافة المجتمعات، وبالأخص نقد أهل السياسة غيرهم في الآونة الأخيرة، هل يعد من قبيل الغيبة؟ أرجو التوضيح بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم عند المسلم أن الغيبة من المحرمات الكبيرة، ولكن الشرع أباح للمسلم أن يذكر عيوب الغير ومساوئهم بقدر الحاجة إذا كان ذلك لمصلحة معتبرة شرعا ولو كان الفاعل يكره ذكر ذلك، وقد نظم أحد العلماء ست مواطن تجوز فيها الغيبة فقال:
القدح ليس بغيبة في ستة متظلم، ومعرّف، ومحذّر
ولمظهر فسقا، ومستفت، ومن طلب الإعانة في إزالة منكر.
ولذلك، فإن ذكر مساوئ الشخص بقصد النصح للآخرين بعدم معاملته أو الابتعاد عنه جائز شرعا إذا كان بقدر الحاجة ولا يعتبر من الغيبة المحرمة، وكذلك ذكر ما قام به الشخص من الإساءة في حقك فلا حرج فيه، ولا يعتبر من الغيبة المحرمة، وأما نقد الآخرين في غيابهم بما يكرهون إذا كان لغير مصلحة شرعية معتبرة مما أشرنا إليه إجمالا، وهو ما ذكر بالتفصيل في الفتوى رقم: 150463، فإنه لا يجوز، لأنه إما أن يكون غيبة إذا كان المذكور عنهم هو مما فيهم، أو يكون بهتانا إذا كان مما ليس فيهم، فقد روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.
ولا فرق في ذلك بين السياسي وغيره.
والله أعلم.