عنوان الفتوى : كيف نادى الله تعالى موسى عليه السلام لما كلمه بالواد المقدس طوى ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

قال تعالى : ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى. وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى . إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) . طه /11،14 . قال تعالى : (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) النمل / 8 ، 9 . قال تعالى : (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) القصص /30 . ما الذي قاله الله ؟ كيف نادى موسى ؟ بأي تعبير من هذه التعابير ؟ هل الله نادى موسى ثلاث مرات أم إن القصة تكررت 3 مرات ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا :
سبق أن بَيّنا أن تكرار ذكر القصة الواحدة في كثير من السور من سمات القصص القرآني ، وفي كل مرة يتنوع السياق ، ويتعدد الأسلوب ، وترد القصة بعبارات جديدة ، تفتح آفاقا للمعاني والفوائد ، وأنماطا متنوعة من أساليب البلاغة والبيان ، وينظر جواب السؤال رقم :
(140060) .
ومن أعظم الحِكم في ذلك تأكيد التحدي لكفار العرب ذوي الفصاحة والبلاغة .
قال أبو بكر الباقلاني رحمه الله :
" إعادة ذكر القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحداً من الأمر الصعب ، الذي تظهر به الفصاحة ، وتتبين به البلاغة ، وأعيد كثير من القصص في مواضع كثيرة مختلفة ، على ترتيبات متفاوتة ، ونبهوا بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومكرراً .
ولو كان فيهم تمكّن من المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لهم تؤدى تلك المعاني ونحوها ، وجعلوها بإزاء ما جاء به ، وتوصلوا بذلك إلى تكذيبه ، وإلى مساواته فيما حكى وجاء به " انتهى من "إعجاز القرآن" (ص: 61-62) .
ثانيا :
هذه القصة لم تتكرر وإنما حصلت مرة واحدة ، وذلك لما أتى موسى عليه السلام النار التي آنس من جانب الطور مرجعَه من مدين ، فلما أتاها ناداه ربه .
والله عز وجل يقول في سورة النمل : ( فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النمل/ 8، 9
ويقول في سورة طه : ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى* وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) طه/ 11 ، 14 .
ويقول في سورة القصص : ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) [القصص/ 30 .

لكن يذكر في سياق أو في سورة ما لم يذكر في السياق الآخر ، وهذا من بدائع التكرار في القرآن الكريم ، والتي أشرنا إلى بعضها ، ويعبر عن الموقف بأكثر من بيان ؛ وقد أوحى الله إلى عبده موسى عليه السلام ، كل ما أخبرنا أنه ناداه وكلمه به .
قال الرازي رحمه الله :
" قال في سورة النمل ( نُودِىَ أَنا بُورِكَ مَن فِى النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ) وقال في القصص ( يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) وقال في طه ( إِنِّى أَنَا رَبُّكَ ) ولا منافاة بين هذه الأشياء ؛ فهو تعالى ذكر الكل ، إلا أنه حكى في كل سورة بعض ما اشتمل عليه ذلك النداء " انتهى من "تفسير الفخر الرازي" (ص 3491) .
وراجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (82856) .

والله تعالى أعلم .