عنوان الفتوى : المعتبر حالة المريض وقت صدور الطلاق منه
لقد طلق أبي أمي ثلاث مرات أمام عيني مع العلم أن أبي كان مصابا بمرض الكلى وهذا المرض يؤدي إلى وصول السموم إلى المخ مما يؤدي إلى عدم التفكير بشكل جيد وأيضا هو كبير في السن فهل تعتبر أمي مطلقة أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر -من السؤال- أن هذه الزوجة بانت من زوجها بينونة كبرى، لأن الله تعالى يقول: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229].
قال المفسرون الطلاق حل العصمة المنعقدة بين الأزواج بألفاظ مخصوصة، وهذه الآية رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على المرأة قصرهم الله تعالى على ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في الأولى والثانية، وأبانها بالكلية في الثالثة.
ومذهب الجمهور بمن فيهم الأئمة الأربعة أنها تبين منه بالثلاث، سواء أكانت مجتمعة أم كانت متفرقة.
وقالت طائفة من أهل العلم تقع واحدة رجعية، وأفتى بذلك بعض السلف من الصحابة والتابعين وأتباع المذاهب. ونصره ابن تيمية وتبناه، وكذلك تلميذه ابن القيم وعملت به المحاكم الشرعية في بعض بلاد المسلمين في هذا العصر.
وأما عن قول السائل الكريم: إن والده مصاب بمرض الكلى الذي يؤدي إلى تسمم المخ مما يؤدي إلى إصابة العقل، فإن المعتبر هو حالته التي صدر منه الطلاق فيها، فإن كان فاقد الوعي فلا يعتبر طلاقه. أما إن كان في حال وعيه واختياره فإن طلاقه يقع، ولا عبرة لأصل المرض ولا بما قد يسببه.
والحاصل أن الطلاق إذا كان وقع متفرقاً وفي وقت انتباه والدك وعدم تأثير المرض عليه تأثيراً يذهب بعقله، فإن أمك بانت منه بالإجماع.
أما إذا وقع في غياب عقله، فإنه لا يقع، وإن كان وقع دفعة واحدة، وهو في وقت يتمتع فيه بكامل قوته العقلية، فإنه فيه الخلاف هل يقع واحدة أو ثلاثاً، وبالثلاث قال الجمهور.
وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية إن كنتم في بلد فيه محاكم شرعية.
والله أعلم.