عنوان الفتوى : هل هناك دعاء لتيسير الزواج؟
هل هناك دعاء لتيسير الزواج؟
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
الأخت الفاضلة:-
لا يوجد دعاء معين لتيسير الزواج ، والعبرة ليست بالصيغ والكلمات ، ولكن بحضور القلب وإخلاصه والبعد عما يغضب الله تعالى ،فاستمري في الدعاء والضراعة إلى الله تعالى أن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك.
ويمكنك أن تشتركي في صفحة شريك الحياة بموقعنا، فهي صفحة جادة وآمنة.
والمقرر في شريعة الإسلام أن المصائب التي تصيب الإنسان وتؤلمه من الشدة، والفقر، والمرض، والتعثر، والتعب، والنصب، والوصب، والخسائر المادية، والأوجاع الحسية، والآلام النفسية كل هذه الآلام تكفر من خطاياه سواء منها ما كان متسببا فيها، أو لم يكن له فيها سبب، فمجرد هذه الآلام مكفرات في ذاتها فإذا استقبلها العبد بالصبر والاحتساب زاد أحره، وارتفعت درجاته، بل إن المصائب قد تكون جزاء ما أصاب العبد من الذنوب لكنها كذلك تكون من المكفرات في الدنيا، وهذا من لطف الله عز وجل بالمؤمنين حيث يعجل لهم جزاء سيئاتهم في الدنيا ليكفر عنهم من خطاياهم.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي:-
لا يخفى على أحدٍ أنَّ الحياة الدنيا مليئة بالمصائب والبلاء، وأنَّ كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ عرضة لكثيرٍ منها: فمرة يُبتلى بنفسه، ومرة يبتلى بماله، ومرة يبتلى بحبيبه، وهكذا تُقلَّب عليه الأقدار من لدن حكيم عليم. ونجد أحيانا أن البلاء يشتد على أهل الإيمان أكثر مما يحصل لغيرهم ، وإذا لم يحمل المؤمن النظرة الصحيحة للبلاء فسوف يكون زلـلُه أكبر من صوابه، ولا سيما أن بعض المصائب تطيش منها العقول لضخامتها وفُجاءَتها – عياذاً بالله.
ولابد للمسلم أن يستشعر الحكمة من البلاء لأن الله سبحانه وتعالى لا يبتلينا ليعذبنا، بل ليرحمنا. وأن على المؤمن أن ينظر إلى البلاء- سواءً كان فقداناً للمال أو الصحة أو الأحبة- من خلال نصوص الكتاب والسنة على أنه:
أولاً: امتحان وابتلاء:
نعم امتحان وابتلاء، فنحن في قاعة امتحان كبيرة نُمْتحن فيها كل يوم فما هذه الدنيا إلا دار بلاء و اختبار و الآخرة هي دار الجزاء ، وكلنا ممتحن في كل ما نملك وفي كل ما يعترينا في هذه الحياة حتى نلقى الله .
قال تعالى: كُل نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوتِ وَنَبلُوكُم بِالشر وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ. [ الأنبياء: 35 ].
وقال جل ذكره: أَحَسِبَ الناسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا ءامَنا وَهُم لاَ يُفتَنُونَ (2) وَلَقَد فَتَنا الذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَن اللهُ الذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَن الكَـاذِبِينَ. [ العنكبوت: 2-3 ].
وليس في هذه الدنيا من لا يمتحن . وكيف لا وقد ابتلى الله الأنبياء ففي الحديث الصحيح: “أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل…” [ رواه البخاري ]. ولكن في هذا الامتحان من يصبر فيفوز ، كما أن هناك من يجزع و يعترض على الله – عياذاً بالله ـ فيخسر و يشقى
ورحم الله الفضيل بن عياض حين قال: ” الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم؛ فصار المؤمن إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه “.
ثانياً:هذا البلاء قسمة وقدر:
إنَّ الله تعالى قسم بين الناس معايشهم وآجالهم، قال تعالى: نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم معِيشَتَهُم في الحَياةِ الدنيَا. [الزخرف: 32 ]. فالرزق مقسوم، والمرض مقسوم، والعافية مقسومة، وكل شيء في هذه الحياة مقسوم. فارضَ بما قسم الله لك يا عبد الله، ولا تجزع للمرض، ولا تكره القدر، ولا تسب الدهر، فإن الدقائق والثوانـي والأنفاس كلها بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء، فيُمرِض من يشاء، ويعافي من يشاء، ويبتلي من يشاء أَلاَ لَهُ الخَلقُ وَالأمرُ. [الأعراف: 54]. – بلى سبحانه وتعالى.
وما دام الأمر كذلك فسلِّم أمرك لله أيها المبتلى، واعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن من يريد أن تكون الحياة على حال واحدة، فكأنما يريد أن يكون قضاء الله تعالى وفق هواه وما يشتهيه. وهيهات هيهات.
ثالثاً: أن هذا البلاء خير ونعمة بشرط:
وأياً كانت هذه القسمة وهذا الامتحان فهو خير للمؤمن وليس لأحد غيره، ولكن بشرط الشكر على النعماء، والصبر على البلاء. وفي الحديث الصحيح: “عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له” [ رواه مسلم ].
وما أصدق الشاعر إذ يقول:
قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت………..ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
وأجمل من ذلك قول الحق سبحانه وتعالى: { فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَيَجعَلَ اللهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً. [النساء:1] وقوله: وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لكُم وَعَسَى أَن تُحِبوا شَيئًا وَهُوَ شَر لكُم وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لاَ تَعلَمُونَ .
لذا فاعلم يا عبد الله أنه إنَّما ابتلاك الذي أنعم عليك، وأخذ منك الذي أغدق عليك. وليس كل ما تكرهه نفسك فهو مكروه على الحقيقة، ولا كل ما تهواه نفسك فهو نافع محبوب، والله يعلم وأنت لا تعلم.
لئن كان بعض الصبر مُرًّا مذاقُه………….. فقد يُجتنى من بعده الثمرُ الحلوُ
يقول بعض السلف:
“إذا نزلت بك مصيبة فصبرت، كانت مصيبتك واحدة. وإن نزلت بك ولـم تصبر، فقد أُصبت بمصيبتين: فقدان المحبوب، وفقدان الثواب”.
ومصداق ذلك من كتاب الله عز وجل قوله تعالى: وَمِنَ الناسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ فَإِن أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَتهُ فِتنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجهِهِ خَسِرَ الدنيَا وَالآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبِينُ. [الحج: 11 ].
رابعاً: أن هذا البلاء محطة تمحيص وتكفير:
نعم، الابتلاء محطة نتوقف فيها برهة من الزمن فإذا بأدران الذنوب والمعاصي تتحاتّ منا كما يتحات ورق الشجر؛ إذ المؤمن يُثاب على كل ضربة عرق، وصداع رأس، ووجع ضرس، وعلى الهم والغم والأذى، وعلى النَصَب والوَصَب يصيبه، بل وحتى الشوكة يشاكها. وفي الحديث: “ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ – وهما المرض والتعب – ولا همٍ ولا حزنٍ ولا غمٍ ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه” [ متفق عليه ].
فالأجر ثابت يا عبد الله، على كل ألمٍ نفسي أو حسي يشعر به المؤمن إذا صبر واحتسب. فقد جاء في كتب السنة “أن النبي دخل على أم السائب ، فقال لها: ما لكِ تزفزِفين ؟ قالت: الحمى لا بارك الله فيها. فقال: لا تسبي الحمى فإنها تُذهِب خطايا بني آدم كمـــا يذهب الكير خبث الحديد” [ رواه مسلم ]. وفي الحديث عن النبي أنه قال: “ما من مسلم يصيبه أذى من مرضٍ فما سواه إلا حطَّ الله تعالى به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها” [ متفق عليه ]. فهنيئاً للصابرين المحتسبين.
خامساً: أن هذا البلاء رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات:
إن البلاء يعتري المسلم فيمحو منه – بإذن الله- أدران الذنوب والمعاصي إن كان مذنباً مخطئاً – وكل ابن آدم خطَّاء كما مرَّ معك – وإن لم يكن كذلك فإن البلاء يرفع درجاته ويبوِّئه أعلى المنازل في الجنة. وقد جاء في الحديث أن الله عز وجل يقول لملائكته إذا قبضوا روح ولد عبده: “قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول: ابنوا لعبدي بيتـاً في الجنة وسمُّوه بيت الحمد” [ رواه أحمد وحسنه الألباني ]. ويقول سبحانه في الحديث القدسي: “ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صَفِيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة” [ رواه البخاري ].
بل ترفع درجات المؤمن حينما يُبتلى بما هــو أقل من ذلك، ففي الحديث أن النبي قال: “ما من مسلم يُشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة” [ رواه مسلم ].
إذاً هي درجة تلو درجة ليبلِّغه الله منزلته في الجنة، والتـي يكون تبليغه إياها بفضل الله، ثم بفضل صبره على البلاء، والله عز وجل يقول: إنمَا يُوَفى الصـابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ. [ الزمر: 10].
سادساً: أن هذا البلاء علامة حب ورأفة:
إن المصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة حب من الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مراً إلا أنَّـك تقدمه على مرارته لمن تحب – ولله المثل الأعلى – ففي الحديث الصحيح: “إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء،وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط” [ رواه الترمذي وصححه الألباني ].
يقول ابن القيم : “إنَّ ابتلاء المؤمن كالدواء له، يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه لأهلكته أو نقصت ثوابه وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء، ويستعد به إلى تمام الأجر وعلو المنزلة …” إلى آخر ما قال.
ويكفي الخير الذي في البلاء أنه يرفع درجات المؤمن الصابر يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : “إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبـــه حتى يوافيه به يوم القيامة” [ رواه الترمذي وصححه الألباني ].
وختاماً فعلى المؤمن أن يصبر على البلاء مهما اشتد فإن مع العسر يسراً ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .
وأخيراً أسوق لك هدية وبشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : (( إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل ، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها ) .
والله أعلم .
حرر هذه الفتوى حامد العطار عضو لجنة تحرير الفتوى بالموقع .