عنوان الفتوى : امرأة نصرانية تطلب من مسلمة إعانتها كيف تربي طفلة مسلمة ؟!
أنا فتاة جامعية أدرس في أمريكا ، وليس من عادتي أن أردّ أحداً يطلب المساعدة ، وقد جاءت امرأة أمريكية زنجية مسيحية تطلب مني المساعدة في كيفية تربية طفلة مسلمة تبنتها ! فلم أستطع ردها أو صرفها ، أولاً خشية أن تأخذ انطباعاً سيِّئاً عن المسلمين ، وثانياً من أجل تلك الطفلة المسلمة . إن هذه المرأة تقول : إن زوجها من عائلة مسلمة ، وإن له أكثر من زوجة ، وإن إحدى زوجاته لديها طفلة عمرها تسع سنوات ، وهي الطفلة التي قالت إنها ستتبناها ، لأن أبويها فشلا في تربيتها ، وقد حاولتْ أن تنتحر أكثر من مرة ، لذا قامت هي وأخذت على عاتقها تربيتها وإعادة الثقة إليها في أبيها وفي كل من حولها . لقد ذكرت لي أن أمّها ( أي : أم الفتاة ) ربّتها على القسوة والقول " هذا لا يتوافق مع الإسلام ، وهذا يتوافق مع الإسلام " مما ولّد عقدة لديها وردة فعل سيئة تجاه الإسلام والمسلمين ، أضف إلى هذا كله أنها تدرس في مدرسة غير جيدة ويحيط بها بعض الأصدقاء السيئين ، والآن تسأل هذه المرأة وتقول : ما هي النصيحة التي يمكن أن أعطيها في كيفية التعامل مع هذه الفتاة وتربيتها تربية متّزنة ؟ . في الحقيقة لم أستمع إلى القصة كاملة ، ولعلها ستحكيها لي عما قريب ، لكني أريد في الوقت الحالي أن أعرف منكم ماذا أقول لها وكيف أقدّم لها المساعدة ؟
الحمد لله.
لو كانت هذه المرأة هي أم تلك الفتاة
لما جاز لها – شرعاً – أن تكون حاضنة لابنتها المسلمة ؛ لأن الكافر لا يؤمَن على
تربية المسلم على الإسلام بل سيصرفه إلى دينه هو - وقد بينَّا هذا في جواب السؤال
رقم ( 21516 ) - فكيف والحال أنها ليست ابنتها ؟! .
وإنه لمن المعيب – فضلاً عن وقوعه في الإثم – على الرجل المسلم أن يترك أولاده بلا
عناية وبلا تربية على الإسلام ، ولا يكون همه إلا الزواج دون تحمل تبعاته ، وليعلم
الآباء والأمهات الذين يتخلون عن أولادهم فيصيرون فاسدين أو يرتدوا عن دينهم : أنهم
شركاء في هذا الجرم العظيم الذي يحصل لأولادهم ؛ لأنهم السبب في حصوله ، ولهذا كان
من المهم جدا أن تقومي بدور من خلال المركز الإسلامي القريب منكم ، أو بعض الصالحين
في المنطقة ، أن يحاولوا التواصل مع والد تلك الفتاة ، لتعريفه بمسئوليته تجاه
ابنته ، ونصحه في تحمل هذا الأمر مع زوجته ، وخطر إهمال حال الفتاة الصغيرة .
وإننا لنشكر الأخت السائلة على حرصها
على الخير في مساعدة الناس وعلى اهتمامها بقضية تلك الطفلة المسلمة ، وواضح أنها قد
ساءها ما ساءنا من كون القائم على تربية تلك الطفلة المسلمة هو امرأة نصرانية ومن
المتوقع أن تحرفها عن فطرتها ودينها الحق لتصيِّرها نصرانية أو تصبح بلا دين ، ولذا
فإننا نوصي الأخت السائلة أن تحرص أشد الحرص على أمرين مهمين :
الأول : بعد أن تشكر تلك المرأة على مجيئها إليها لسؤالها عن الطريقة المثلى لرعاية
طفلة مسلمة أن تحاول معها لأن تتخلي عن تربية الطفلة المسلمة لصالح أسرة مسلمة أو
مركز إسلامي ، والأفضل من ذلك أن يتم البحث عن أقرباء تلك الطفلة من المسلمين
الموثوقين في خلقهم ودينهم ليتولوا هم العناية بها وحضانتها ، وليكن منك - أختنا
السائلة - تلطف وحسن أسلوب في عرض هذا الأمر عليها .
الثاني : أنه إذا لم توافق تلك المرأة على تخليها عن الطفلة فننصحك بالبقاء إلى
جنبها توجيهاً ورعايةً ونصحاً وتعليماً ، حتى لا تختلي تلك المرأة بالطفلة فتلقنها
ما يسبب لها فساداً في دينها أو في سلوكها ، فلتجعل – مثلاً – تلك المرأة وقتاً
لهذه الطفلة لتكون في مدرسة إسلامية ، أو عند أسرة متدينة عاقلة أو عند امرأة داعية
واعية ، وإذا فشل ذلك كله فلتبقيْ أنتِ على وصال بتلك الطفلة مشاهدةً وسماعاً ، حتى
تبقى على اتصال بدينها ، فلا تتلوث فطرتها ولا ترتد عن دينها ، واحتسبي ذلك كله عند
الله تعالى ، واصبري عليه ، إلى أن ييسر الله تعالى هداية والديْها – أو أحدهما –
لأخذها وتنشئتها على الدين الحق ، أو تصير تلك الطفلة إلى مسلم يرعاها حق رعايتها
من امرأة أو مؤسسة أو قريب من الصالحين .
ولعل اقترابك من تلك المرأة أن يكون سبباً في إسلامها فتكون حاضنة مناسبة موثوقة
لرعاية تلك الفتاة .
هذا ما نرى لك فعله وما نحثك على سلوك سبيله ، والله نسأل أن يسددك ويوفقك لما فيه
رضاه .
وانظري في " كيف يتربى الولد " جواب السؤال رقم (
10016 ) .
والله أعلم