عنوان الفتوى : نظام التسويق الشبكي لا يغير حكمه اختلاف المسميات والأشكال
الجزء الأول من
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تحريك للحلال وتثبتك وتفصيلك للسؤال. لكن ينبغي أن تعلم أن العبرة في العقود بمعانيها لا بألفاظها ومبانيها، واختلاف المسميات والأشكال لا يغير من حقيقة نظام التسويق الشبكي شيئا ما دام المشترك يبذل رسوما من أجل اشتراكه في ذلك النظام أو يفرض عليه شراء منتج من منتجات الشركة أو رسوم دراسة أو نحو ذلك مما يبذل فيه المشترك عوضا مقابل اشتراكه ولو في صورة شراء عين أو منفعة لا يحمله في الغالب على شرائها سوى ما يرجوه من الأرباح من ذلك النظام، وهذا ممنوع، لما فيه من الغرر والمقامرة، وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية أسئلة كثيرة عن عمل الشركات التي يتلخص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء ليقنع هؤلاء آخرين أيضاً بالشراء وهكذا، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر تبلغ آلاف الدولارات، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة ويكونون ضمن مصفوفته. فكان جوابها: أن هذا النوع من المعاملات محرم، وذلك أن مقصود المعاملة هو العمولات وليس المنتج، فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف، في حين لا يتجاوز ثمن المنتج بضع مئات.. فالمنتج الذي تسوقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح، ولما كانت هذه هي حقيقة هذه المعاملة فهي محرمة شرعاً لأمور:
أولاً: أنها تضمنت الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغاً قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركة على العميل ما هو إلا ستار للمبادلة، فهو غير مقصود للمشترك فلا تأثير له في الحكم.
ثانياً: أنها من الغرر المحرم شرعاً، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا؟ وهذه هي حقيقة الغرر وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر؛ كما رواه مسلم في صحيحه.. إلخ.
ولا يعني ذلك حرمة السمسرة والتسويق وأخذ أجرة على ذلك فيما لو كانت السلعة مباحة وكان التسويق منضبطا بضوابطه الشرعية بحيث لا يبذل المشترك فيه رسوما ولا يفرض عليه شراء منتج ونحوه رجاء الحصول على أكثر مما دفع ويعطى أجرة معلومة عوضا عن جهده في التسويق مقابل كل زبون يجلبه أو كل سلعة يبيعها، ولا يجوز ربط أجرته بمن يشتركون في قائمته أو مصفوفته للجهالة في ذلك.
والله أعلم.