عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في الوضوء من خروج الدود من الدبر
أرجو الإجابة عن سؤالي بسرعة لو سمحتم، لأنني في حرج كبير: أعاني من مرض يصيب البطن وهو بعض الديدان تخرج من الدبر وهي عندي منذ فترة طويلة وتعبت لا أستطيع أن أصلي جماعة، لأنه عندما تخرج أذهب للوضوء من جديد، وبعد شهرين صرت أشك في خروجها ولست متأكدا من خروجها ودائما أستنجي منها وأتوضأ، فهل خروجها ينقض الوضوء؟ وهل خروجها بأن تخرج كلها من الدبر أم بمجرد أن تخرج قليلا من رأسها؟ وكيف أميز أنها رطبة أم لا أو أن نجاسة صاحبتها؟ هل أفتش ملابسي عند شعوري بها؟ قال المواق في التاج والإكليل: والمشهور أن غير المعتاد لا ينقض كدود يخرج من الدبر خرجت نقية أو غير نقية ـ هل معنى نقية أي لم تصاحبها نجاسة؟ أرجو الرد بسرعة حفظكم الله وأسكنكم فسيح جناته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلماء مختلفون في خروج الدود من الدبر هل ينقض الوضوء أو لا؟ ومذهب الجمهور أنه ناقض للوضوء خلافا للمالكية، قال الموفق ـ رحمه الله ـ في المغني: الضَّرْبُ الثَّانِي: أي مما يخرج من السبيلين نَادِرٌ كَالدَّمِ وَالدُّودِ وَالْحَصَا وَالشَّعْرِ فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَيْضًا، وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ، يَرَوْنَ الْوُضُوءَ مِنْ الدُّودِ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَمْ يُوجِبْ مَالِكٌ الْوُضُوءَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، لِأَنَّهُ نَادِرٌ أَشْبَهَ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ، وَلَنَا أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ أَشْبَهَ الْمَذْيَ، وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ بِلَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ، فَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِهَا، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَحَاضَةَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَدَمُهَا نَادِرٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ. انتهى.
ثم المالكية مختلفون فيما إذا خرج الدود مصحوبا ببلة هل ينقض أو لا؟ والذي مشى عليه خليل في مختصره أنه لا ينقض، قال الدسوقي في حاشيته نقلا عن ابن رشد: في هذه المسألة ثلاثة أقوال أَحَدُهُا: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ خَرَجَتْ الدُّودَةُ نَقِيَّةً أَوْ غَيْرَ نَقِيَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، الثَّانِي: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ نَقِيَّةٍ، وَالثَّالِثُ: عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَرَجَتْ نَقِيَّةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خَاصَّةً مِنْ أَصْحَابِنَا، اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ وَلَوْ بِأَذًى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ، قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ أَيْ الْأَذَى بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْحَصَى وَالدُّودِ الْخَارِجِ مَعَهُمَا مَا لَمْ يتفاحش في الكثرة وإلا نقض. انتهى.
فإذا علمت ما مر وأن مذهب الجمهور هو النقض ومذهب المالكية عدمه ولو خرج الدود مصحوبا بأذى على المعتمد فاعلم أن الأحوط هو العمل بمذهب الجمهور، فإذا تيقنت أنه خرج منك شيء من هذا الدود حكم بانتقاض وضوئك بذلك، وأما مع الشك فلا يلزمك شيء، ولا يجب عليك التفتيش أو البحث لتتأكد هل خرج منك شيء أو لا؟ وخروج بعض الدودة كخروج جميعها، وإذا كان خروجه مستمرا بحيث لا تجد في أثناء وقت الصلاة زمنا يتسع لفعلها بطهارة صحيحة فحكمك حكم صاحب السلس تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئك الفرض وما شئت من النوافل، وانظر الفتوى رقم: 119395.
وأما على مذهب المالكية فلا يلزمك الوضوء من هذا الخارج، لأنه نادر وسواء كان مصحوبا ببلة أي أذى أو لا.
والله أعلم.