عنوان الفتوى : حكم الشرط الجزائي في عقود الاستصناع
لقد اشتريت في الإسكندرية مسقط رأسي شقتين بالتقسيط على 7 سنوات من صاحب العمارة لي ولوالدتي. ودفعنا مقدما صغيرا تساهلا من صاحب العقار معنا نظرا لحاجتنا لبيت لأمي للإقامة، وبيت لي لأتزوج، وتكفلت بدفع معظم القسط، وكان الاتفاق مع المالك في حالة عدم الانتهاء من تسليم الشقة يخصم من القسط إيجار لشقة تقيم فيها أمي نظرا لعدم وجود مكان تسكن فيه، حيث إنها باعت شقتها القديمة نظرا لتهالك العمارة ولتكون مقدما للشقتين بحيث تأخذ الجزء المخصص للإيجار وتكمل عليه ليكفي إيجار الشقة التي استأجرتها. وحين قمت بطلب تخصيص جزء لي كإيجار لي حتى أتسلم شقتي قال إنه لن يستطيع أن يعطيني؛ لأن الاتفاق كان وديا وغير مكتوب بالعقد مع أمي، بالإضافة لزيادة عدد السكان الذين لم يتسلموا شققهم، بناء عليه اضطررت للاقتراض وشراء شقة أخرى بالقسط للتزوج بها وقد استلمتها والحمد لله. هذا بخلاف دفع أقساط الشقتين الأخريين، ولكن بعد مرور أكثر من 3 سنوات لم نتسلم الشقتين. وعند التواصل مع المالك قال إن الجميع يقسط لديه وليس لديه سيولة للبناء أو شيء مشابه. بناء عليه طلب بضم أقساط السنوات المتبقية في سنة واحدة مما اضطر والدتي وأخي للتفاوض معه لإطالة فترة القسط لسنتين. ولكن أمي قالت له إني استأجرت شقة وتحملت إيجارها ولم تقل له إني اشتريت شقة، وبناء عليه خفض جزءا من المبلغ وقبل مد الفترة. وهنا لي سؤال: لا أعرف هل فيما قالت أمي شيء أم لا؟ هل يوجد إثم فيما تم تخفيض المبلغ المطلوب مني على أساس أني كنت أدفع إيجارا حتى وقت تسلم شقتي (علما بأني اشتريت الشقة بالقسط ولم أستأجرها)؟ وإن كان ذلك فيه إثم فماذا يجب أن أفعل؟ فقد كان في نيتي أنه إذا كان بها إثم أو لم يكن إثم كنت سأرد لصاحب العقار ما خصصه لي لكن بعد أن أنتهي من سداد القسط الأكبر حيث المبلغ المقسط سيكون ضخما جدا أعانني الله عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد المذكور بينك وبين المالك يدخل في عقد الاستصناع، وهو موضع خلاف بين الفقهاء، وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السابع بجدة بشرطين: الشرط الأول: بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة. الشرط الثاني: أن يحدد فيه الأجل. ونص على: أنه يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة، كما يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. اهـ
وقد ذكرت أنك اشترطت على الصانع إذا تأخر في تسليم الشقة أن تخصم من القسط المستحق أجرة شقة حتى يسلم إليك الشقة المستصنعة فتستحق ذلك بالشرط وهو ملزم به عند تأخره في تسليم الشقة .
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشر: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينا، فإن هذا من الربا الصريح. اهـ
وعلق على ذلك فضيلة الشيخ وهبة الزحيلي بقوله: وبناء على هذا، فيجوز هذا الشرط مثلا في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفذ ما التزم به أو تأخر في تنفيذه. اهـ وراجع لمزيد من التفصيل الفتويين: 34491، 9215.
وبناء على ذلك فلا حرج عليك فيما ذكرت لأنك تستحقه بالشرط لا بالكذب الذي كان من أمك، لكن عليها إثم كذبها فلتتب إلى الله تعالى منه .
والله أعلم.