عنوان الفتوى : نصائح لمن تزين له نفسه فعل المعاصي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أعاني من رغبة في فعل الأشياء المحرمة. فبماذا تنصحوني أن أفعل؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فننصحك  بالحرص على الاستقامة على الطاعة، وبأن تحمل نفسك على التمسك بالبعد عن المعاصي، وتقمعها عن اتباع الهوى والشهوات وبالتوبة إلى الله مما سبق، وعقد العزم على عدم العودة للذنب أبدا، واعلم أن اتباع الهوى سبب من أسباب الهلاك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه.  حسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.

وقد قال الله تعالى في قمع النفس عنه: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعـات:40-41].
قال الإمام القرطبي: زجرها عن المعاصي والمحارم، وقال سهل: ترك الهوى مفتاح الجنة، لقوله عز وجل: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى. انتهى.

واحرص كلما خطر السوء بقلبك أن تستعيذ من نزغات الشيطان ، فقد قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِالله. {فصلت: 36}. وقد سأل أبو بكر فقال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت. قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قلها: إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك. رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.

وإذا سقطت مرة وأغواك الشيطان فلا تيأس، بل اهزم الشيطان واستغفر ربك وكن ممن قال الله تعالى فيهم: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ.{آل عمران:{ 135-136}. وعليك بالحياء من الله الذي يعلم سرك وجهرك، فخف عقابه فقد قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.{النور:63}، وقال تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ. {آل عمران:28}، وقال الله تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ. {البروج:12}.  

 فاستشعار ما عند الله من أنواع العقوبات والعذاب العظيم يكبح جماح النفوس عن الشهوات المحرمة،  وأكثر كذلك من النظر والمطالعة في الحديث عن الله تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وطالع في صفات عظمته وجبروته وانتقامه، واطلاعه وعلمه بكل ما يعمله الناس وبخطرات نفوسهم حتى يتولد عندك من استشعار المراقبة ما يولد فيك الحياء من الله تعالى ومهابته وخشيته بالغيب، وأكثر سؤال الله أن يعفك ويعيذك من الشر ويعصمك من الفتن، وحافظ على الأذكار المقيدة والمطلقة فإنها تحميك من الشيطان، وبرمج لنفسك برنامجاً تشغل به وقتك وقلبك وطاقتك عن التفكر في الرذيلة، فاشتغل بحفظ القرآن وبتعلم تفسيره وتدبر معانيه، وتعلم السنة النبوية والسيرة. ومن الوسائل المهمة المعينة على تحصيل الخوف من الله: معرفة ضرر الذنوب في الدنيا، وقد ساق ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه: الداء والدواء أضرارا كثيرة للذنوب منها: الوحشة في القلب، وتعسير الأمور، ووهن البدن، وحرمان الطاعة ومحق البركة، وقلة التوفيق، وضيق الصدر، واعتياد الذنوب، وهوان المذنب على الله، وهوانه على الناس. إلخ.
  ثم عليك بالإكثار من ذكر الله والصلاة؛ فإن الصلاة وكثرة الذكر لهما أثر عظيم في نهي صاحبهما عن الفحشاء والمنكر. قال الله سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ {العنكبوت 45}.

جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ {العنكبوت 45} قال: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ من أن تبقى معه معصية. انتهى.

وجاء في الحديث: أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.

وابحث عن صحبة صالحة تتواصى معهم بالحق، وتتعاون معهم على البر والتقوى، وتسلو بهم عن الشر وأهله .

 والله أعلم.